فقولها: ظلمت لكم سقائي أي: سقيتكموه قبل أن يروب، ولأجل هذا قيل في الأرض التي حفر فيها ولم تحفر من قبل: مظلومة؛ لأنَّ الحفر وقع في غير موضعه، ومن هذا المعنى على التحقيق قول نابغة ذبيان:

إلَّا ألأواريَّ لأْيًا ما أبيِّنها ... والنؤيُ كالحوضِ في المظلومةِ الجَلَدِ

خلافًا لمن زعم: أن المظلومة: التي أبطأ عنها المطر، ومن هنا قيل للقبر: الظليم؛ لأنه حفر في محل لم يحفر من قبل، ومن ذلك وهو بهذا المعنى قول الشَّاعر:

فأصبحَ في غبراءَ بعد إشاحةٍ ... على العيشِ مردودٍ عليها ظليمُها

هذا أصل معنى الظلم في لغة العرب وشواهده العربية، وهو يطلق في القرآن إطلاقين:

يُطلَق بمعناه الأعظم، وهو وضع العبادةَ في غير مَنْ خَلَق، وهذا أكبر أنواع الظلم، ومنه بهذا المعنى: {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: 254] , {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} [يونس: 106] , {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13].

وقد يُطلَق الظلم في القرآن أيضًا على ظلم الإنسان نفسه ببعض

طور بواسطة نورين ميديا © 2015