فقلتُمْ لنا كفُّوا الحروبَ لعلَّنا ... نكفُّ ووثَّقتُمْ لنا كلَّ موثَقِ

فلمّا كفَفْنا الحربَ كانت عهوُدكُمْ ... كشِبْهِ سراب بالملا متألِّقِ

فهذه ليست للتَّرجي بتاتًا؛ لأنه قال: ووثقتم لنا كلَّ موثق، وقوله: "ووثقتم لنا كل موثق" دلَّ على أنَ المراد: فقلتم لنا كفوا الحروب من أَجل أنْ نكف، ووثقتم لنا كل موثق في وعدكم بالكف المعلل بكفنا، هذا هو التحقيق.

وقال بعض العلماء المراد بلعلَّ: اجعلوا ما أمرناكم به من الترجي إنْ وقع ما بعد لعل، وتقريره في هذا المعنى: ثم عفونا عنكم من بعد ذلك، وذلك العفو الذي عفونا عنكم يُرجى من مثلكم فيه أنْ تشكروا ذلك العفو، فتكون للترجي على بابها، والأول لا ينافي الثاني لأنَّا إن قلنا: إنَّها للتعليل، فالمعلّل مرجو الحصول عند وجود علته.

وأصل الشكر في لغة العرب: الظهور، ومنه الشكير وهو العُسْلوج الذي يظهر في جذع الجرة التي قطعت إذا أصابها الماء، فظهر فيها عسلوجٌ يسمَى شكيرًا لأنه ظهر بعد أنْ لم يكن، ومنه ناقةٌ شكور يظهر عليها أثر السمن، والشكر يطلق في القرآن من الله لعبده، ومن العبد لربه، ومن إطلاق شكر الربِّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015