وقد قال الشَّاعر:

تهوى حياتي وأهوى موتَها شَفَقًا ... والموتُ أكرمُ نَزَّالٍ على الحُرَمِ

وهذا هو وجه كون استحياء النساء من ذلك العذاب الذي يسومونهم.

وقوله جلَّ وعلا: {وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ} في الإشارة بقوله ذلكم وجهان لا يكذب أحدهما الآخر، مبنيان على المراد بالبلاء؛ لأن البلاء في لغة العرب الاختبار، والاختبار قد يقع بالخير وقد يقع بالشر كما قال جلَّ وعلا: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء: 35] , وقال جلَّ وعلا: {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الأعراف: 168] , والله ذكر في الآية الماضية أنَّه ابتلى بني إسرائيل بخيرٍ وشرٍّ، أما الشر الذي ابتلاهم به فهو ما كان يسومهم فرعون من سوء العذاب، وأما الخير الذي ابتلاهم به فهو إنجاؤه إياهم من ذلك العذاب، قال بعض العلماء: {وَفِي ذَلِكُمْ} أي: في ذلكم العذاب الذي كان يسومكم فرعون بلاءٌ بالشر من ربكم عظيم، وقال بعض العلماء: في ذلك الإنجاء الذي أنجاكم الله به من عذاب فرعون بلاءٌ بالخير من ربكم عظيم، وكلما كان الشر أكبر كان الإنقاذ منه مماثلًا له في الكبر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015