ولا شك أنَّ العرب تطلق البلاء على الاختبار بالشَّر والاختبار بالخير، خلافًا لمن منعه في الاختبار بالخير وهو معروف في كلام العرب، ومن أمثلته في الخير قول زهير:

جزى اللهُ بالإحسانِ ما فَعَلا بكمْ ... وأبلاهما خيرَ البلاءِ الذي يَبْلو

وهذا معنى قوله: {وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ}.

وقوله جلَّ وعلا: {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} [البقرة: 50]؛ أي: واذكروا إذ فرقنا بكم البحر؛ أي: فلقناه بدليل قوله: {فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} [الشعراء: 63] , وأصل الفرق: الفصل بين أجزاء الشيء، فمعنى فرقنا بكم البحر؛ أي: فصلنا بين بعضه وبعض حتَّى كان بينه مسالك تسلكون فيها، ومن هذا المعنى قوله: {فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [المائدة: 25]؛ أي: افصل بيننا وبينهم: {فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا} [المرسلات: 4] , على القول بأنَّها الملائكة تنزل بالوحي الذي يفصل بين الحق والباطل، وهذا معنى قوله: {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ}؛ أي: فصلنا بين أجزائه عن بعض حتَّى كانت بينه مسالك تسلكون فيها في طرق يابسة كما قال جلَّ وعلا: {طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا} [طه: 77].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015