والقاعدة المقرَّرة في التصريف أنَّ تاء الافتعال إذا دخلت على مادةٍ واوها فاء، وجب إبدال الواو تاءً وإدغامها في تاء الافتعال، فمعنى اتقوا: اجعلوا بينكم وبين ذلك اليوم وقايةً تقيكم مما يقع فيه من الأهوال والأوجال، والاتقاء: هو جعل الوقاية دون ما يضر، وهو معنى معروف في كلام العرب ومنه قول نابغة ذبيان:
سقطَ النصيفُ ولم تُردْ إسقاطَهُ ... فتناولتْهُ واتَّقتنا باليدِ
يعني استقبلتنا بيدها جاعلة إياها وقاية بيننا وبين رؤية وجهها، والاتقاء في اصطلاح الشرع: هو جعل الوقاية دون سخط الله وعذابه، تلك الوقاية هي امتثال أمره واجتناب نهيه جلَّ وعلا، والمراد باتقاء اليوم: اتِّقاء ما يكون فيه من الأهوال والأوجال؛ لأنَّ القرآن بلسان عربي مبين، والعرب تعبِّر بالأيام عما يقع فيها من الشدائد، ومنه: {هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ} [هود: 77]؛ أي: بما فيه من الشدة، وهذا معنى قوله: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: 281] أي ومعنى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} واليوم مفعولٌ به لاتَّقوا، وقيل المفعول محذوف واليوم ظرف؛ أي: اتقوا العذاب يوم لا تجزي نفس عن نفس شيئًا.
وقوله: {لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} الجملةُ نعت ليوم، وقد تقرَّر في العربية أنَّ الجمل تُنعت بها النكرات كما عقده في الخلاصة بقوله: