فديتك يا زين البلاد إن العدى ... حموك فلم يوجد إليك سبيل
أراجعةٌ عقلي إلىَّ فرائحٌ ... مع القوم لم يكتب عليك قتيل
فلا تقتلي نفساً وأنت ضعيفةٌ ... فإنَّ دمي يوم الحساب ثقيل
وإني لتعدوني عوادٍ ورقبةٌ ... وأهجر من غير القلى فأطيلُ
مخافة أن ينمى حديث فتؤخذي ... بذنبي أو يعبأ عليك جهولُ
فديتك أعدائي كثير وشقتي ... بعيد وأشياعي لديك قليل
وحدثنا أبو العباس ثنا عبد الله بن شبيب، قال: قيل لأبي عمرو بن العلاء: ما يعجبك من شعر أبي دهبل؟ قال: قوله:
يا عمر حم فراقكم عمرا ... ونويت منا النأي والهجرا
وإذا أردنا رحلة جزعت ... وإذا أقمنا لم تفد نقرا
والله ما أحببتُ حبكم ... لا ثيباً خلقت ولا بكرا
وترى لها دلاًّ إذا نطقت ... تركت بنات فؤاده صعرا
كتساقط الرطب الجني من ال ... أقناء لا نثراً ولا نزرا
يا عمر شيخك وهو ذو شرفٍ ... يحمى الذمار ويكرم الصهرا
إن كان هذا السحر منك فلا ... ترعى عليَّ وجددي سحرا
إحدى بني أودٍ كلفت بها ... جعلت بلا ترةٍ لنا وترا
إني لأرضى بالذي رضيتْ ... وأرى لحسن حديثكم سُكرا
وقال أبو العباس: الإسبُ: شعر الفرج الجمع الآساب.
المبذر: الذي ينفق ولا يشكر الله.
قال أبو العباس: وحكى بعض أصحابنا قال: قال معاوية لعتبة يوم الحكمين: " يا أخي أما ترى ابن عباس قد فتح عينيه ونشر أذنيه، ولو قد قدر أن يتكلم بها فعل، وغفلة أصحابه مجبورة بفطنته، وهي ساعتنا الطولى فاكفنيه ". قال: قلت بجهدي. قال: فقعدت إلى جنبه، فلما أخذ القوم في الكلام أقبلت عليه بالحديث، فقعدت إلى جنبه، فلما أخذ القوم في الكلام أقبلت عليه بالحديث، فقرع يدي وقال: ليست ساعة حديث. قال: فأظهرت غضباً وقلت يا ابن عباس: إن ثقتك بأحلامنا أسرعت بك إلى أعراضنا، وقد والله تقدم فيك العذر، وكثر منَّا الصبر، ثم اقذعته، فجاش بي مرجله، وارتفعت أصواتنا، فجاء القوم فأخذوا بأيدينا، فنحوه عني ونحوني عنه قال: فجئت فقربت من عمرو ابن العاص فرماني بمؤخر عينه، أي ما صنعت؟ فقلت له: كفيتك التقوالة فحمحم كما تحمحم الفرس للشعير. قال: وجاءت ابن عباس أول الكلام فكرةٌ أن يتكلَّم في آخره.
قال أبو العباس: وحكى عن يونس بن عبيد قال: سمعت كلمات ما سمعت من كلام الناس شيئاً أعجب منهنَّ: قال ابن سيرين: " ما حسدت أحداً على شيء قط ". وقال مورق العجلى: " دعوت الله تعالى أربعين سنةً في حاجة، فما قضاها وما يئست منها ". وقال حسان بن أبي سنان: " ما شيء أهون من الورع، إذ رابك شيءٌ فدعهُ ".
حدثنا أبو العباس قال: وقال إسحاق الموصلي: حدثني شيخٌ من بني أمية قال: قال سعيد بن العاص: " ما وصلت من الجانه إلى أن تنتح كما ينتح الحميت "،يعني يرشح. والحميت: النحى المربوب.
قال: وقال معاوية لعبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاص: " قد رايتك تعجب بالشعر، فإذا فعلت فإياك والتشبيب بالنساء، فتعرَّ الشريفة، وترمى العفيفة، وتقر على نفسك بالفضيحة. وإياك والهجاء. فإنك تحنق به كريماً، وتستثير به لئيماً. وإياك والمدح، فإنه كسب الوقاح، وطعمه السؤال. ولكن أفخر بمفاخر قومك وقل من الأمثال ما تزين به نفسك وشعرك، وتؤدب به غيرك ". قال: ويقال: " الشعر أدنى مروءة السري، وأفضل مروءة الدني ".
وقال الأصمعي: أول من تروى له كلمة تبلغ ثلاثين بيتاً من الشعر مهلهل، ثم ذؤيب بن كعب بن عمرو بن تميم، ثم ضمرة رجل من بني كنانة، والأضبط بن قريع. وأنشد لذؤيب بن كعب بن عمرو بن تميم:
يا كعب إنَّ أخاك منحمقٌ ... فاشدد أزار أخيك يا كعبُ
وأنشد لضمرة:
يا ضمرة أخبرني ولست بفاعل ... وأخوك نافعك الذي لا يكذبُ
وللأضبط:
أدفع عن نفسه ويخدعني ... يا قوم من عاذري من الخدعه
وقال الأصعمي:
فصلن إن وصل الحب ... ل وأقطن القريب إن قطعه