مجالس ثعلب (صفحة 111)

ومن قال كذبوا يقول: كذبنا الرسل فيما قالوا لنا. قال: والعرب تقول إذا أصابتهم مصيبة أو حين: الدهر فعل بنا ذاك. فسبوه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تسبوا الدهر فإن الذي فعل بكم ذاك رب الدهر ".

والدهر: الزمان، والليل والنهار لا غير ذلك. كذا قال أبو العباس.

وأنشد:

هل الدهر إلا ليلة ونهارها ... وإلا طلوع الشمس ثم غيارها

وأنشد:

حذار من رماحنا حذار ... حتى يصير الليل كالنهار

قال: يقول: احذروا. قال كأنهم كانوا في غبار فقالوا حتى ينجلي الغبار فنصير كأنا في نهار.

قول الله تعالى: " لا تتخذوا آلهين اثنين " قال: إذا كان عندي ثلاثة أثواب فمع الثلاثة أثواب ... العدد ما هو التقديم والتأخير. يقال: ثلاثة أبواب، وثلاثةٌ أثواباً، وثلاثة أثوابٌ. وتقدم فيقال: عندي أثواب الثلاثة. هكذا الأصل. وأكتفوا بالتثنية بلا عددٍ فقالوا: عندي درهمان، لأن الاثنين لا يختلفان. فإن جئت معهما باثنين كان واحداً فقلت: عندي درهمان اثنان. فجاءوا به على الأصل. وقال الأخفش: جاءوا به توكيداً. وليس بشيء.

وأنشد:

سليل أناس نسلهم غير معقب.

أي لا يخلفون اولئك ولا يكونون مثلهم.

" وما يعلم تاويله إلا الله " قال: تفسيره.

" فمحن به " في بيت فرزدق قال: هو مثل ماح الدلو يميح ميحاً. جاءنا بخبرةٍ ناسة، قال: يابسة. " وأضله الله على علمٍ ". قال: أي فأضله الله على علم من الأرض أريضة: حسنة النبات.

وأنشد المهلهل بن ربيعة:

أودى الخيار من المعاشر كلها ... واستب بعدك يا كليب المجلس

وتنازعوا في كل أمر عظيمةٍ ... لو كنت شاهدهم إذا لم ينبسوا

إبني ربيعة من يقوم مقامه ... أم من يرد على الضريك ويحبس

وتلهف الصعلوك بعدك أمه ... لما استعال وقال أني المجلس

وإذا تشاء رأيت وجهاً ناعماً ... وذراع باكيةٍ عليها برنس

قال أبو العباس: كن نصاري فكن يلبسن البرانس.

جزعاً عليك ولست لائم حرةٍ ... تبكي عليك بعبرةٍ وتنفس

ولقد شفيت النفس من سرواتهم ... والخيل تعثر في الدماء وتعبس

وتركت جساساً ينوء بصعدةٍ ... سمراء يقدمها سنانٌ مدعس

أكليب لو حدثت كيف عقوبتي ... علمت عظامك إذ علاها المرمس

أن لست زيراً حين شب وقودها ... في الحرب يوم عنانها لا يسلس

" من عين كان مزاجها كافوراً ". قال: لو كان اسماً للعين لم يجر، ولكن تشبيه فأجرى. قال: وقال الفراء: " سلسبيل " إن لم يكن نعتاً لها فلا يجوز.

" إني كفرت بما أشتركتموني من قبل " عند الفراء أن فيه إضمار " كنتم "، قال: كل ماضٍ عند الفراء يحتاج إلىكان. هكذا قال. وإنما يفعل هذا إذا كان جزاء، أي إني كفرت بالشيء الذي كنتم اشتركتموني به. قال: والدليل لا يكون الشيء، إنما يكون غيره.

عشاه يعشون: أتاه على غير بصيرةٍ، " وعشا يعشو "، أي ضعف بصره. وعشى يعشى: عمى ويقال: أعشاه وعشاه بمعنى.

" الكاظمين الغيظ " الحابسين لا يظهرون جزاءه. الكظامة، المصنع وهو منه.

إذا قال: يا رجل، فقد قصد قصده، مثل يا زيد. وإذا قال: يأيها الرجل، أختلف الناس فيه، فقال سيبويه وأصحابه: الرجل تابعٌ لأي، وخطأه الفراء: قال: هو يأي هذا الرجل أراد يأي هو هذا الرجل، كذا هو عند الفراء. وسيبويه يقول: فيه تنبيه في موضعين: يا، وها. وهذا باطلٌ.

الحصيف: الرجل الشديد العقل، من المحصف، وهو الشديد " الفتل ". ويقال: البقوى والبقيا، والرعوى والرعيا، والفتيا والفتوى. هذا كله إذا ضم كتب بالألف، وإذا فتح كتب بالياء.

وقال سألني خلف فأجبته هذا. قال: قد أرحتني.

وأنشد أبو العباس:

فما بقيا على تركتماني ... ولكن خفتما صرد النبال

قال: ويقال: من علو ومن علو ومن علو ومن علو، يا هذا ومن عال ومن علا.

وأنشد:

وهي تنوش الحوض نوشاً من علا ... نوشاً به تقطع أجواز الفلا

قال: من قال علا جعله مثل قفاً، وعال مثل فاعل، وعل مثل عمٍ، ومن معال مثل مفاعلٍ، ومن علو مثل قبل وبعد، ومن علو مثل ليت ولعل، ومن علو، يا هذا، على حذف الإعراب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015