"كنا قبلَ اليوم، نهنِّئُ الأمةَ الجزائرية، بمثل هذا العيد وليس لها من مظاهرِ السعادةِ إلا ما نرجُوه لها وناملُ؛ أما اليوم، وهي في طور جديد من أطوار حياتها، هو أساس سعادتها، طورٌ سامت به شقيقاتِها،. هنا وهنالك؛ فنهنئُها، ومن أبنائها من هو سجين في سبيل العِلْم والهِدَاية، ومن هو سجين في سبيل السياسةِ والحقوقِ المغصوبةِ، وأمة أَخذتْ تقدمُ الضَّحايا في سبيل سعادتِها، حقيقةٌ بأن تنالَ السعادةَ وتهنأَ بهَا ... " (12).
...
وقد صدقت الأيام رأي إمامنا الحكيم؛ فإن الجزائر لم تنتزع استقلالها وحريتها، ولم تحقق سيادتهما الكاملة إلا بتضحيات جسام، تتمثل في مليون ونصف مليون من الشهداء الأبرار، فليس غريبا أن تكرمه الثورة الجزائرية الوفية لمبادئها؛ فتربط، في عهد الاستقلال، ذكرى وفاته (16 أفريل) بيوم "العلم"، معبرة بذلك على أكثر من مغزى:
فاحتفال الجزائر بيوم العلم، في ذكرى وفاته، إنما هو احتفاء بالمعاني التي يمثلها ابن باديس: احتفاء بالعلم الذي لا يتم شيء صالح للإنسان، في حياته المادية والروحية،
بدونه؛ واحتفاء بقيم الشعب التي مثلها، إيمانا وسلوكا؛ واحتفاء بالتفاني في الجهاد من أجل الشعب والوطن.
فابن باديس خير أنموذج يحتذيه شباب الجزائر، في الحاضر والمستقبل، كلما عبر عن ذلك، شاعر النهضة الجزائرية الحديثة، محمد العيد خليفة- رحمه الله- في مناجاته لروح الإمام الرائد إذ يقول: