جاء فيها " ... جهِلَ قومٌ من ذوي السلطةِ فَحسبوا- وهم جد عالمين بما فيه الأمة من جوع وفاقة- أَنّنا قومٌ لا نريد إلا الخبزَ. وأن الخبزَ عندنا هو كلُّ شَيء، وأننا إذا مُلِئت بطونُنا مهَّدنا ظهورَنا، وأنهم إذا أَعطونا الخبزَ فقد أَعطونا كل ما نطلب؛ إذ الخبز- في زعمهم- هو كلُّ ما نريد، فإذا حادثناهم في حالنا سَكتوُا عن كلِّ شيء إلا عن الجوعِ والخبزِ ...
" ... لا يا قومُ إننا أَحياء، وإننا نريد الحياةَ وللحياة خُلقْنا، وأن الحياة لا تكونُ بالخبزِ وحدَه، فهنالك ما علِمتم من مَطالبِنَا العِلمية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وكلُّها ضرورياتٌ في الحياة، ونحن نفهَم جيِّدا ضروريتَها للحيَاة. وقد بذلنا فيها لكم ما كان- يوما- سَبباً قوياً في حَياتِكم، فلا تبخَلوا علينا اليومَ بما فيه حياتُنا، إن كنتم مُنصِفِين، وللأيام والأمم مقدِّرين.
وإلاَّ فاللهُ يحكمُ بينَنَا وبينَكُم، وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ" (?).
وإذا لم يفلح المستعمر في كبت أصوات الحق بملء البطون عمد إلى ملء السجون، برجال السياسة والعلماء الأحرار، ليثنى الأمة عن عزيمتها، لكن ابن باديس يحول تلك الويلات إلى مصدر تفاؤل، يقوى الإرادات، ويبشر بالنصر القريب؛ فيعلن أن الحياة لا تكون شيئا إلا إذا ازدانت بالخطوب، وحفت بالمكاره، ويقرر أن السعادة إنما هي في التضحية والآلام، لا في السلامة والنعيم؛ فانظر إليه كيف يهنىء أمته المجاهدة بعيد الفطر المبارك، إذ يقول: