عبد العزيز بن الحسن الضراب، قال: أنبأ أبي، قال: ثنا أحمد بن مروان، قال: ثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي، قال: ثنا الرِّيَاشِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الأَصْمَعِيَّ يَقُولُ: دَخَلَ عَطَاءُ بن أبي رباح على عبد الملك وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى سَرِيرِهِ وَحَوَالَيْهِ الأَشْرَافُ مِنْ كُلِّ بَطْنٍ، وَذَلِكَ بِمَكَّةَ فِي وَقْتِ حَجِّهِ فِي خِلافَتِهِ، فَلمَّا بَصُرَ بِهِ، قَامَ إِلَيْهِ وَأَجْلَسَهُ مَعَهِ عَلَى السَّرِيرِ وَقَعَدَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ! حَاجَتُكَ؟ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! اتَّقِ اللَّهَ فِي حَرَمِ الله ورسوله فَتَعَاهَدْهُ بِالْعِمَارَةِ، وَاتَّقِ اللَّهَ فِي أَوْلادِ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، فَإِنَّكَ بِهِمْ جَلَسْتَ هَذَا الْمَجْلِسَ، وَاتَّقِ اللَّهَ فِي أَهْلِ الثُّغُورِ، فَإِنَّهُمْ حِصْنُ الْمُسْلِمِينَ، وتفقد أمور المسلمين، فإنك وحدك المسؤول عَنْهُمْ، وَاتَّقِ اللَّهَ فِيمَنْ عَلَى بَابِكَ، وَلا تَغْفَلْ عَنْهُمْ وَلا تُغْلِقْ دُونَهُمْ بَابَكَ.
فَقَالَ لَهُ: أَفْعَلُ. ثُمَّ نَهَضَ، فَقَبَضَ عَلَيْهُ عَبْدُ الملك فقال له: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ! إِنَّمَا سَأَلْتَنَا حَوَائِجَ غَيْرِكَ وقد قضيناها، فما حاجتك؟
فقال: ما لي إِلَى مخلوقٍ حَاجَةٌ. ثُمَّ خَرَجَ، فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: هَذَا وَأَبِيكَ الشَّرَفُ، هَذَا وَأَبِيكَ السُّؤْدُدُ.