وَفَضَحَتْ سِرَّ الْهَوَى ... عَيْنِي فَصَارَ عَلَنًا
وَيَوْمَ ذي البان تبايعنا ... فجزت الْغَبَنَا
كَانَ الْغَرَامُ الْمُشْتَرَى ... وَكَانَ قَلْبِي الثَّمَنَا
164- أخبرنا محمد بن أبي منصور، قال: أخبرنا أحمد بن محمد البخاري، قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري، قال: أخبرنا ابن حيويه، قال: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَمْرٍو الشيباني: لما ظهر من المجنون مَا ظَهَرَ، وَرَأَى قَوْمَهُ مَا ابْتُلِيَ بِهِ، اجتمعوا إلى أبيه وقالوا: لو خرجت إِلَى مَكَّةَ فَعَاذَ بِبَيْتِ اللَّهِ وَزَارَ قَبْرَ رَسُولِ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] رَجَوْنَا أن يرجع عقله، فخرج أَبُوهُ حَتَّى أَتَى مَكَّةَ، فَجَعَلَ يَطُوفُ بِهِ ويدعوا الله له بالعافية وهو يقول:
دعى المحرومون اللَّهَ يَسْتَغْفِرُونَهُ ... بِمَكَّةَ وَهَنًا أَنْ تُمْحَى ذُنُوبُهَا
وناديت أن يا رب أول سولتي ... لِنَفْسِي لَيْلَى ثُمَّ أَنْتَ حَسِيبُهَا
فَإِنْ أُعْطَ ليلى في حياتي لا يثيب ... إِلَى اللَّهِ خَلْقٌ تَوْبَةً لا أَتُوبُهَا
حَتَّى إذا جاز منى، نادى منادي من بعض تلك الخيام: يا ليلى، فمر قيس مَغْشِيًا عَلَيْهِ، وَاجْتَمَعَ النَّاسُ حَوْلَهُ، وَنَضَحُوا عَلَى وَجْهِهِ الْمَاءَ، وَأَبُوهُ يَبْكِي عِنْدَ رَأْسِهِ، ثُمَّ أفاق وهو يقول:
وداعٍ دعى إِذْ نَحْنُ بِالْخَيْفِ مِنْ مِنًى ... فَهَيَّجَ أَطْرَابَ الْفُؤَادِ وَمَا يَدْرِي
دَعَا بِاسْمِ لَيْلَى غَيْرَهَا فكأنما أطن ... بليلى طائراً كان في صدري