ومن المحدثات التي كرهها العلماء أول الأمر ثم انتهوا إلى إباحتها أو استحبابها أخيرا بدعة كتابة العناوين في رأس كل سورة، ووضع رموز فاصلة عند رءوس الآي، وتقسيم القرآن إلى أجزاء, والأجزاء إلى أحزاب، والأحزاب إلى أرباع، والإشارة إلى ذلك كله برسوم خاصة.

والرموز المشيرة إلى رءوس الآي سارع الناس إلى تلقيها بالقبول قبل سواها؛ لاحتياجهم إلى معرفة تقسيم الآيات، ولا سيما بعد أن انعقد الاجماع على أن ترتيب الآيات توقيفي1. وقد تباينت طرائق رمزهم إليها، فقد يذكرون عند رأس كل آية رقم عددها من السورة, وقد يغفلون ذلك. وأحيانا يضعون كلمة عشر أو رأس "العين" حرفها الأول عند نهاية كل عشر آيات من السورة2، أو كلمة خمس أو رأس "الخاء" حرفها الأول عند نهاية كل خمس آيات، ولا يجدون في شيء من ذلك بأسا.

أما العناوين، التي كانوا يكتبونها في فواتح السور منوهين فيها بأسمائها وما فيها من الآيات المكية والمدنية، فكانت لا بد أن تثير معارضة عنيفة في الأوساط المحافظة، لأن كثيرا من العلماء بله عامة الناس، كانوا يعتقدون أن هذه الأمور ليست توقيفية، بل للصحابة فيها نصيب غير قليل من الاجتهاد.

وإذا كنا لم نسلم بأن ترتيب السور اجتهادي، بل رجحنا أنه كترتيب الآيات توقيفي3، فإننا لا نملك دليلا قويا على أن أسماء السور توقيفية أيضا4، وليس في وسعنا أن ندعي الإجماع على مكية بعض السور ومدنية بعضها الآخر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015