بحيث لا يكون في السورة الواحدة إلا قول واحد متفق عليه1: فهذا الاختلاف هو الذي آثار تلك المعارضة العنيفة لكتابة العناوين في فواتح السور.

لكن حدة المعارضة ما لبثت أن خفت2، فلم يقنع الناس بكتابة تلك العناوين بل طفقوا يفتنون في تنميقها وتذهيبها حتى أوشك الجهال أن يعتقدوا أنها جزء لا يتجزأ من الوحي القرآني.

ولما أباح الناس لأنفسهم كتابة الرموز الفاصلة بين الآيات، ثم تجرءوا حتى على كتابة العناوين في رءوس السور، لم يعد ممكنا منعهم من الذهاب في تجويد المصاحف كل مذهب، وقد بدا لهم أن من تجويدها تجزئتها وتحزيبها، وراحوا يلتمسون على ذلك أدلة من الروايات المأثورة, قال الزركشي: "وأما التحزيب والتجزئة فقد اشتهرت الأجزاء من ثلاثين, كما في الربعات بالمدارس وغيرها".

وقد أخرج أحمد في مسنده وأبو داود وابن ماجه عن أوس بن حذيفة أنه سأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته: كيف تحزبون القرآن؟ قالوا: ثلاث، وخمس، وسبع، وتسع، وإحدى عشرة, وثلاثة عشرة، وحزب المفصل من "ق" حتى "يختم"3.

وقد أسهم الخطاطون في تجويد المصاحف وتحسين كتابتها، ويقال: إن الخليفة الوليد "من سنة 86 إلى سنة 96هـ" اختار لكتابة المصاحف خالد بن أبي الهياج الذي كان مشهورًا بجمال خطه وهو الذي خط المحراب في المسجد النبوي بالمدينة4. وقد ظل الخطاطون يكتبون المصاحف بالخط

طور بواسطة نورين ميديا © 2015