لأحسن القصص1، وما في ذلك مكان لعجب، كما لم يكن في سؤال اليهود عن ذي القرنين موضع لعجب، حتى قال قتادة: "إن اليهود سألو نبي الله صلى الله عليه وسلم عن ذي القرنين، فأنزل الله تعالى هذه الآية: {وَيَسْأَلونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا} 2.
لذلك لم نتشدد في عبارتنا الموضحة للقسم القرآني الذي نزل ابتداء غير مبني على سبب، فلم نجعل هذا القسم شاملا كل الوقائع الماضية بل أكثرها، ولا شاملا كل القصص القرآني بل أغلبه، ولا شاملا حتى كل مشاهد القيامة وتصوير الجنة والنار بل جل هاتيك المشاهد والصور3: فلا شيء يمنع أن يكون لبعض هذه النوازل أسباب، ولكن لا مفر للباحث من أن يسلم بقلة احتياجها إلى هذه الأسباب حين يوازن بينها وبين غيرها من القضايا التشريعية والتوجيهية في كل من الميدانين الفردي والاجتماعي، فما أقرب ما يفكر القارئ بسبب النزول إذا وقعت عينه على آية في أحكام العبادات, أو المعاملات، أو الحلال والحرام، أو الغزو والجهاد، أو الأحوال الشخصية, أو الحقوق المدنية, أو المعاهدات الدولية، فما يفهم شيء من هذا إلا إذا ارتبط بسبب نزوله التاريخي، وسلك في نطاقه النفسي أو الاجتماعي الذي كان سر مهبط الوحي فيه.
وإذا غضضنا النظر عن بعض هذا الخلط غير المقصود الناشئ من مبالغة المفسرين بإدراج الواقائع الماضية في أسباب النزول, واجهنا عقبات أخرى في صيغ الروايات المتعلقة بهذه الأسباب، فليست عبارة الراوي الصحيحة نصا في