وكان أكثر الصحابة أمين, ولم تكن أدوات الكتابة متسيرة لديهم، فكان ذلك حائلا أيضا دون التأليف في هذا العلم. زد على ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه قد نهاهم أن يكتبوا عنه شيئا غير القرآن, وقال لهم أول العهد بنزول الوحي: "لا تكتبوا عني, ومن كتب عني غير القرآن فليمحه. وحدثوا عني ولا حرج. ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" 1 وكان ذلك مخافة أن يختلط القرآن بما ليس منه.

ولقد ظلت علوم القرآن تروى بالتلقين والمشافهة عل عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم على عهد الشيخين أبي بكر وعمر. وفي خلافة عثمان بدأ اختلاط العرب بالأعاجم، وأمر عثمان أن يجتمعوا على مصحف إمام وأن تنسخ منه مصاحف للأمصار, وأن يحرق الناس كل ما عداها، وقد رأينا تفصيل ذلك والأسباب الداعية إليه.

ويعنينا الآن أن عثمان بنسخ المصاحف قد وضع الأساس لما سمي فيما بعد "بعلم رسم القرآن أو علم الرسم العثماني".

وقد اشتهر أيضا أن عليا رضي الله عنه أمر أبا الأسود الدؤلي2 "المتوفى سنة 69" بوضع بعض القواعد للمحافظة على سلامة اللغة العربية. فكان علي بذلك واضع الأساس لعلم إعراب القرآن.

وفي وسعنا أن نقول: إن الممهدين لهذا العلم هم:

1- الخلفاء الأربعة، وابن عباس، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، وأبي بن كعب، وأبو موسى الأشعري، وعبد الله بن الزبير3 من الصحابة.

2 - مجاهد وعطاء بن يسار وعكرمة وقتادة والحسن البصري وسعيد بن جبير وزيد بن أسلم في المدينة من التابعين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015