الباقلاني1، كما لم تختر مذهب واحد من هؤلاء. أما الرازي فلأنه لم يعرض قط في كتابه "اللوائح" إلى وجه الاختلاف في الحروف, نحو "يعلمون وتعلمون" مع أنه لا يندرج تحت واحد من الأوجه الستة الباقية التي ذكرها، ثم إنه جعل اختلاف تصريف الأفعال من ماض ومضارع وأمر وجها خاصا قائما برأسه, مع أنه يندرج تحت وجه الاختلاف في الإعراب. وأما الثلاثة الآخرون فحسبنا لكيلا نسلم بمذاهبهم أنهم جميعا أغفلوا وجه الاختلاف في اللهجات عمليا، وإن دافع عنه بعضهم نظريا.
ونحن حين نقول: إن الأوجه السبعة التي استقرأناها، تستقصي كل اختلاف في أداء القرآن، لا نعني وجوب التزام هذه الأوجه السبعة في الكلمة الواحدة، فقد يكون في كل كلمة على حدة وجهان أو أكثر، وقد يكون فيها وجه واحد فقط، وإنما نقصد أن هذه الأوجه السبعة ترد الاختلافات إلى أحد وجوهها المناسبة حين يتحقق وجود الاختلاف2.
وإذا كنا نحن قد استطعنا حصر أوجه الاختلاف في سبعة، فقد وقع لنا ذلك اتفاقًا، بعد أن جمعنا آراء الأقدمين ووفقنا بينها، وأما الصحابة الكرام الذين نزل القرآن بأحرفه السبعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم، يقرؤهم بها, وينبههم إليها، فكان أكثرهم يومئذ أميين لا يقرءون ولا يكتبون، وما كان يتاح لهم أن يحددوا المراد من الأحرف السبعة، وإنما كانوا يعرفون أن أوجه الخلاف لا تخرج عن سبعة في جميع مفردات القرآن, وقد اجتمعت عمليا من مختلف قراءاتهم التي أقرهم عليها الرسول صلى الله عليه وسلم وانتهى العلم بها إلينا أحرف القرآن السبعة التي لم نعرفها نحن إلا بطريق الاستنباط والاستقراء.