ولقد ذكر ابن قتيبة ـ رحمه الله تعالى ـ: مذهب الجهمية في صفة الكلام فقال: "وقالوا: في كلام الله إنه مخلوق"1.
وقال الإمام عثمان بن سعيد الدارمي "باب الاحتجاج للقرآن" أنه غير مخلوق ثم ذكر حشداً كبيراً من الأدلة على عدم خلق القرآن ثم قال: "ففي هذا بيان بين أن القرآن خرج من الخالق لا من المخلوقين، وأنه كلام الخالق لا كلام المخلوقين" أ. هـ2.
فهذا هو مذهب الجهمية الزنادقة في كلام الله ـ تعالى ـ حيث يزعمون أن القرآن كلام الله على سبيل المجاز وهو مخلوق، وقولهم هذا ظاهر البطلان لمخالفته الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة وأئمتها.
مذهب المعتزلة:
أما المعتزلة أفراخ الجهمية فقد قالوا: "إن كلام الله ـ تعالى ـ مخلوق، خلقه الله منفصلاً عنه، وهو حرف وصوت وأن موسى سمع كلاماً أحدثه الله في الشجرة، ولم يسمع كلام الله حقيقة"3.
قال عبد الجبار بن أحمد مبيناً مذهبه ومذهب إخوانه من أهل الاعتزال في القرآن:
"وأما مذهبنا في ذلك فهو أن القرآن كلام الله ـ تعالى ـ ووحيه، وهو مخلوق محدث أنزله الله على نبيه ليكون علماً ودالاً على نبوته، وجعله دلالة لنا على الأحكام لنرجع إليه في الحلال والحرام" أ. هـ4.
وقال في كتابه "المغني" " اختلف الناس في ذلك "الكلام" والذي يذهب إليه شيوخنا أن كلام الله ـ عز وجل ـ من جنس الكلام المعقول في الشاهد، وهو حروف منظومة، وأصوات مقطعة، وهو عرض يخلقه الله ـ سبحانه ـ في الأجسام علو وجه يسمع ويفهم معناه ويؤدي الملك ذلك إلى الأنبياء عليهم السلام بحسب ما يأمر به ـ عز وجل ـ ويعلمه صلاحاً ويشتمل على الأمر والنهي وسائر الأقسام ككلام العباد".