مكان شبه أجاب عنها أهل السنة ووضحوا بطلانها من ذلك استدلالهم بقوله تعالى: {وَهُوَ اللهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ} 1. على أنه ـ تعالى ـ في كل مكان ولا يخلو منه مكان فهو استدلال باطل وتفسير لكتاب الله ـ تعالى ـ بغير المراد منه فالآية: معناها إله من في السموات، وإله من في الأرض وهو على عرشه، وعلمه محيط بالعرش وما دون العرش، ولا يخلو مكان من علم الله ـ سبحانه وتعالى ـ ولا يمكن أن يكون علمه في مكان دون مكان بل إنه ـ تعالى ـ قد أحاط بكل شيء علماً فهذا هو المعنى الصحيح للآية.

قال الإمام أحمد ـ رحمه الله تعالى ـ مبيناً بطلان استدلالهم بالآية السابقة على أن الله في كل مكان.

فقلنا لما أنكرتم أن يكون الله على العرش وقد قال تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} 2؟ فقالوا: هو تحت الأرض السابعة كما هو على العرش فهو على العرش، وفي السموات، وفي الأرض، وفي كل مكان، ولا يخلو منه مكان، وتلوا آية من القرآن {وَهُوَ اللهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ} فقلنا: قد عرف المسلمون أماكن كثيرة ليس فيها من عظمة ـ الرب ـ شيء فقالوا: أي مكان؟ فقلنا: أجسامكم وأجوافكم، وأجواف الخنازير والحشوش والأماكن القذرة ليس فيها من عظمة ـ الرب ـ شيء وقد أخبرنا أنه في السماء ... إلى أن قال ـ رحمه الله تعالى ـ: أليس تعلمون أن إبليس مكانه والشياطين مكانهم فلم يكن الله ليجتمع هو وإبليس في مكان واحد، وإنما معنى قول الله ـ جل ثناؤه ـ {وَهُوَ اللهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ} 3 يقول: هو إله من في السموات وإله من في الأرض وهو على العرش، وقد أحاط علمه بما دون العرش، ولا يخلو من علم الله مكان، ولا يكون علم الله في مكان دون مكان فذلك قوله {لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً} 4.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015