وقال أبو الحسن الأشعري1: بعد أن ساق كلاماً كثيراً يريد منه إثبات أن الله ـ تعالى ـ مستو على عرشه فوق سمواته قال ـ رحمه الله ـ: "ورأينا المسلمين جميعاً يرفعون أيديهم إذا دعوا نحو السماء لأن الله ـ عز وجل ـ مستو على العرش الذي هو فوق السموات فلولا أن الله ـ عز وجل ـ على العرش لم يرفعوا أيديهم نحو العرش كما لا يحطونها إذا دعوا إلى الأرض"2.
وأما دلالة العقل على ذلك فنقول: إن العقل قد دل على أن الله عال على جميع خلقه من وجو:
أحدها: العلم البديهي القاطع بأن كل موجودين، إما أن يكون أحدهما سارياً في الآخر قائماً به كالصفات، وإما أن يكون قائماً بنفسه بائناً من الآخر.
الثاني: أنه ـ تعالى ـ لما خلق العالم فإما أن يكون خلقه في ذاته أو خارجاً عن ذاته والأول باطل.
أما أولاً: فبالاتفاق، وأما ثانياً: فلأنه يلزم أن يكون محلاً للخسائس، والقاذورات ـ تعالى الله ـ عن ذلك علواً كبيراً.
والثاني: يقتضي كون العالم واقعاً خارج ذاته، فيكون منفصلاً فتعينت المباينة لأن القول بأنه غير متصل بالعالم، وغير منفصل عنه غير معقول.
الثالث: أن كونه ـ تعالى ـ لا داخل العالم ولا خارجه يقتضي نفي وجوده بالكلية لأنه غير معقول فيكون موجوداً، إما داخله وإما خارجه، والأول باطل، فتعيّن الثاني فلزمت المباينة3.
وللجهمية في إنكارهم صفات الله ـ عز وجل ـ وقولهم أن الله ـ عز وجل ـ في كل