وهبوطها إلى آخر نقطة (?) . وكان مثلها كمثل دوحة عظيمة كانت أمم العالم في حين من الأحيان تستظل بظلها الوارف. ولم يبق منها إلا الجذع الذي لا يزداد كل يوم إلا ذبولاً (?)) . ويقول مؤلفو (تاريخ العالم للمؤرخين) :
((إن المدن العظيمة التي أسرع إليها الخراب ولم تسترد مجدها وزهرتها أبداً، تشهد بما أصيبت به الدولة البيزنطية في هذا العهد من الانحطاط الهائل الذي كانت نتيجته المغالاة في المكوس والضرائب والانحطاط في التجارة، وإهمال الزراعة، وتناقص العمران في البلدان (?)) .
مصر في عصر الدولة الرومية ديانة واقتصاداً:
أما مصر ذات النيل السعيد، والخصب المزيد، فكانت في القرن السابع من أشقى بلاد الله بالنصرانية، وبالدولة الرومية معاً، أما الأولى فلم تستفد منها إلا خلافات ومناظرات في طبيعة المسيح، وفي فلسفة ما وراء الطبيعة والفلسفة الألهية. وقد ظهرت في القرن السابع في شر مظاهرها، وأنهكت قوى الأمة العقلية، وأضعفت قواها العملية، وأما الأخرى فلم تلق منها إلا اضطهاداً دينياً فظيعاً واستبداداً سياسياً شنيعاً تجرعت في سبيلهما من المرائر في عشر سنين ما ذاقته أوربا في عهد التفتيش الديني في عقود من السنين، فألهاها ذلك عن كل وطر من أوطار الحياة، وعن كل مهمة شريفة من مهمات الدين والروح، فلا هي تتمتع بالحرية السياسية رغم كونها مستعمرة رومية، ولا هي تتمتع بالحرية الدينية والعقلية، رغم كونها نصرانية.
ويقول الدكتور غوستاف لوبون في كتابه (حضارة العرب) :