خمسون ألفاً من الرهبان، وفي القرن الرابع المسيحي كان راهب واحد يشرف على خمسة آلاف راهب، وكان الراهب ((سرابين)) يرأس عشرة آلاف، وقد بلغ عدهم في نهاية القرن الرابع عدد أهل مصر)) .
عجائب الرهبان:
ظل تعذيب الجسم مثلاً كاملاً في الدين والأخلاق إلى قرنين، وروى المؤرخون من ذلك عجائب، فحدثوا عن الراهب ماكاريوس (Makarius) أنه نام ستة أشهر في مستنقع
ليقرص جسمه العاري ذباب سام، وكان يحمل دائماً نحو قنطار من حديد، وكان صاحبه الراهب يوسيبيس (صلى الله عليه وسلمusebius) يحمل نحو قنطارين من حديد، وقد أقام ثلاثة أعوام في بئر نزح، وقد عبد الرهب يوحنا (St. Jhon) ثلاث سنين قائماً على رجل واحدة ولم ينم ولم يقعد طول هذه المدة، فإذا تعب جداً أسند ظهره إلى صخرة، وكان بعض الرهبان لا يكتسون دائماً، وإنما يتسترون بشعرهم الطويل ويمشون على أيديهم وأرجلهم كالأنعام. وكان أكثرهم يسكنون في مغارات السباع والآبار النازحة والمقابر، ويأكل كثير من الكلأ والحشيش، وكانوا يعدون طهارة الجسم منافية لنقاء الروح ويتأثمون عن غسل الأعضاء، وأزهد الناس عندهم وأتقاهم أبعدهم عن الطهارة وأوغلهم في النجاسات والدنس، يقول الراهب اتهينس: إن الراهب أنتوني لم يقترف إثم غسل الرجلين طول عمره، وكان الراهب أبراهام لم يمس وجهه ولا رجله الماء خمسين سنة؛ وقد قال الراهب الإسكندري بعد زمن متلهفاً: واأسفاه! لقد كنا في زمن نعد غسل الوجه حراماً فإذا بنا الآن ندخل الحمامات، وكان الرهبان يتجولون في البلاد ويختطفون الأطفال ويهربونهم إلى الصحراء والأديار وينتزعون الصبيان من حجور أمهاتهم ويربونهم تربية رهبانية والحكومة لا تملك من الأمر شيئاً، والجمهور والدهماء يؤيدونهم ويحبذون الذين يهجرون آباءهم وأمهاتهم ويختارون الرهبانية ويهتفون باسمهم، وعرف كبار الرهبان ومشاهير التاريخ النصراني بالمهارة في التهريب، حتى روي أن الأمهات كن يسترن أولادهن في البيوت إذا رأين الراهب أمبروز (صلى الله عليه وسلمmbrose) وأصبح الآباء والأولياء لا يملكون من أولادهم شيئاً وانتقل نفوذهم وولايتهم إلى الرهبان والقسوس (?) .