وللإمام العباسي، مواقف مشرفة لا تعد ولا تحصى في نصرة الإسلام والمسلمين، وتصدره الدفاع عن أهل السنة والجماعة في الكثير من المواقف الحاسمة، والتي كان من أهمها نصرته لأهل السنة السنية فيما عرف (بمؤتمر النجف) الشهير، والذي انتهى بخضوع أئمة وعلماء الرافضة الشيعة الإمامية واعترافهم وهم صاغرين بصحة خلافة وإمامة الخلفاء الراشدين (أبي بكرالصديق، والفاروق عمر بن الخطاب، وذو النورين عثمان بن عفان رضي الله عنهم أجمعين)، وإعلانهم ذلك على منبر الكوفة في خطبة الجمعة التي حضرها (نادر شاه) ملك إيران آنذاك في يوم: (26 ـ شوال ـ 1156هـ) بعد أن دحض شيخنا حججهم، وأعلى فيه كلمة أهل السنة والجماعة ونصرة قولهم وكان عمره عند رئاسته لذلك المؤتمر في الثانية والخمسين من عمره.
وقد كان موضوع المؤتمر، وأسبابه (?): حين مجيء (نادر شاه) ملك العجم الفرس إلى سواد العراق تمهيداً لاحتلاله ومعه جم غفير من الأعاجم ذوى النفاق، والشقاق. وبدأ يبعث بالرسل للوزيرأحمد باشا والي بغداد آنذاك يريد إخضاع عموم العراقيين من أهل (السنة) لمذهب (الرافضة الإمامية) بالقوة واختلفت الرسل بينهما بكثافة، إلى أن طلب (الشاه نادر) بشكل سافر، ومباشر أنه يريد من أهل السنة والجماعة وعلمائهم الخضوع، والدخول، والإقرار بصحة مذهب الرافضة، وإنكار مذهب أهل (السنة) بالكلية.
وبعد تلك المراسلات تم الاتفاق بأن يقام (مؤتمر) بالنجف يحضره علماء أهل السنة والجماعة، وعلماء من الرافضة الإمامية، وقد حشد (نادر شاه) من علماء الرافضة (سبعون عالماً) من فحول علمائهم استعدادا للمناظرة، وقام الوزير أحمد باشا والي بغداد العثماني بترشيح وإرسال شيخنا العباسي صاحب الترجمة (وحده) يمثل أهل السنة والجماعة وعلمائهم.
يقول صاحب المسك الأذفر في ذلك (?): (ولما حدثت المناظرة، والمناقشة، أذعن له نادر شاه وعلمائه السبعون، وعلموا أنه بحر علوم لا يمكنهم الوصول إلى أصله، وصاروا أطوع له من شراك نعله، وألبسهم ثوب الخزي والعار، وفضح كفرهم وجهلهم، وأقر أهل الرفض يومئذ برفع سب الشيخين أبي بكر، وعمر رضي الله عنهما، وذلك في خطبة الجمعة التي حضرها (نادر شاه) في الكوفة، وأقامو الشيعة صلاة الجمعة لأول مرة في تاريخ الإمامية في ذلك اليوم المشهود في: (26 ـ شوال ـ 1156هـ)، كما أقروا وهم صاغرين بترتيب الخلفاء الراشدين على ترتيب أهل السنة والجماعة، ولما رأى (نادر شاه) عظمة الشيخ عبد الله وشمول وسعة علمه هابه، وعظمه غاية التعظيم والاحترام، وتراجع عن احتلال العراق، وحصل الصلح بينه وبين الدولة العثمانية، وصار (الشاه نادر ـ سنياً) على يد الشيخ بعد أن كان مبتدعاً، شيعياً، فأحيا الله سبحانه وتعالى على يد شيخنا، وبفضل علمه السنة السنية، بعد ما كان يعتريها أفول وحقن دماء المسلمين .. ثم انشد قائلا:
ورتب الخلفاء الراشدين على .... عقائد السنة الأولى بإرشاد
فكم خلاف وكم كفر وكم بدع ... أزال وهو على كل بإرصاد
ثم استطرد قائلا: ورفع عن أهل السنة أعظم المصائب، وحاز من الله تعالى في الجنان أعلى المراتب ولعمري أنها لنعمة المنة، يجب شكرها على عموم أهل السنة). انتهى كلام صاحب المسك الأذفر.