إن الله اقتضت حكمته إرسال الرسل فلم يزل يرسل رسولا بعد رسول حتى جاءت نبوة نبينا المصطفى - صلى الله عليه وسلم -. ولما توفي ـ وكان خاتم الأنبياء والمرسلين ـ اتفقت الأصحاب رضي الله على أفضلهم وأخيرهم وأعلمهم: أبي بكر الصديق ابن أبي قحافة - رضي الله تعالى عنه - فأجمعوا على بيعته فبايعه كلهم حتى الإمام علي بن أبي طالب بطوعه واختياره ومن غير جبر ولا إكراه فتمت له البيعة والخلافة وإجماع الصحابة - رضي الله عنهم - حجة قطعية، وقد مدحهم الله في كتابه المجيد فقال: {وَالسَّابِقُونَ الأوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأنْصَار} (?) الآية، وقال الله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} (?) الآية وكانوا إذ ذاك سبعمائة صحابي وكلهم حضروا بيعة الصديق، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتهم». ثم عهد أبو بكر بالخلافة لعمر بن الخطاب فبايعه الصحابة كلهم حتى الإمام علي بن أبي طالب، فاتفق رأيهم على عثمان بن عفان. ثم استشهد في الدار ولم يعهد فبقيت الخلافة شاغرة فاجتمع الصحابة في ذلك العصر على علي بن أبي طالب. وكان هؤلاء الأربعة في مكان واحد وفي عصر واحد ولم يقع بينهم تشاجر ولا تخاصم ولا نزاع، بل كان كل منهم يحب الآخر ويمدحه ويثني عليه، حتى أن عليا - رضي الله عنه - سئل عن الشيخين فقال: هما إمامان عادلان قاسطان، كانا على حق وماتا عليه، وإن أبا بكر لما ولى الخلافة قال: أتبايعوني وفيكم علي بن أبي طالب؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015