لم يكن عز وجل ليضيق على عبد من عبيده حتى لا يدرى أذكر هو أو أنثى، وقال القاضي إسماعيل: لابد له من علامة تزيل إشكاله. واعلم أن الناس صنفان، ذكر وأنثى والخنثى من أحد الصنفين ولكن خفيت علينا علامته، ولو كان خلقا ثالثا لكان لا ميراث له، ونقل ابن حزم الإجماع على خلاف القول بأنه لا ميراث له.

الرابع: أول من حكم في الخنثى عامر بن الظرب، فكانت العرب في الجاهلية لا تقع لهم معضله إلا اختصموا إليه ورضوا بحكمه، فسألوه عن خنثى أتجعله ذكرا أم أنثى؟ فقال: أمهلوني فبات ليلة ساهرا، وكانت له جارية اسمها: سخيلة، ترعى له غنما وكانت تؤاخر السراح والرواح حتى تسبق، وكان يعاتبها في ذلك فيقول لها أصبحت ياسخيلة أمسيت، فلما رأت سهره وقلقه قالت له: ما لك في ليلتك هذه ساهرا؟ فقال لها: ويلك دعي أمرا ليس من شأنك، فأعادت عليه السؤال فذكر لها ما نزل به، فقالت له: سبحان الله أتبع القضاء المبال، فقال: فرجتها والله يا سخيلة، أمسيت بعدها أم أصبحت. فخرج حين أصبح فقضى بذلك. وعامر بن الظرب هذا هو أول من حكم في الجاهلية به، وأول من قضى به في الإسلام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ولا ينافي ذلك ما ورد من أنه عليه الصلاة والسلام سئل عن ولد له قبل وذكر من أين يورث؟ أي بتشديد الراء، فقال عليه الصلاة والسلام: من حيث يبول، والحديث أخرجه البيهقي من حديث يعقوب ابن إبراهيم القاضي عن الكلبي وله شاهد عن عامر قويا. ذكر هذا الحافظ السيوطي في تعقبة على موضوعات ابن الجوزي.

وروي أن امرأة جاءت إلى علي رضي الله عنه فزعمت أنها متزوجة بابن عم لها وأنها وقعت على خادمها، فحملت، فأمر غلامه قنبرا أن يعد أضلاعها فعدها فإذا هي أضلاع رجل فكساها ثياب الرجال وأخرجها بعد أن بعث إلى ابن عمها، وقال له: هل أصبتها بعد أن حملت الجارية منها؟ قال: نعم، قال: إنك أجرأ من خاصي الأسد. وعامر بن الظرب بفتح الظاء المعجمة وكسر الراء المهملة، وقنبر بالقاف والنون والباء الموحدة بوزن جعفر ونونه أصلية. وقوله: فإذا هي أضلاع رجل يأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى، وفي مسألة عامر بن الظرب عبرة ومزدجر لجملة قضاة الزمان ومفتيه، فإن هذا مشرك توقف في حكم حادثة أربعين يوما ولا حول ولا قوة إلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015