عمن مات بالتعمير واستفتى القاضي في ذلك فمات أحد الورثة قبل خروج الجواب بالحكم، فأجاب: لا يرثه إلا من كان حيا يوم نفوذ الحكم لأن تمويته بالسنين فيه خلاف مشهور والمسألة اجتهادية فلا يتحقق الحكم إلا بعد نفوذه وإمضائه. البرزلي: وقد وقعت الفتوى من شيخنا الإمام في هذه المسألة بذلك واحتج بظواهر من مسائل المدونة، وكذا شيخنا أبو حيوة محتجا بذلك، فقول المص: أو مضي مدة التعمير أي مع الحكم بموته. اهـ. وهذا تقرير البناني تبعا لمصطفى، وقرره عبد الباقي على أن المراد حكم الشرع لأن في بعض الأحوال لا يتوقف ذلك فيه على حكم الحاكم، وفي بعض الأحوال لابد في ذلك من حكم الحاكم. وارتضى الرهوني ما قرره به عبد الباقي، فقال: وهذا الذي قاله عبد الباقي صحيح، فإن من المفقودين من لا يتوقف استحقاق إرثه على حكم الحاكم بموته: بل يكفي فيه حكم الشرع بموته، وكلام المص شامل لجميع المفقودين كما قاله غير واحد. قال اللقاني: وحمله على المفقود ببلاد الإسلام قصور. اهـ. وممن قصره على ذلك التتائي وإن كان لفظ التعمير يقتضي ما فسر به التتائي، ولعل هذا هو الحامل له على التخصيص. وممن لا يتوقف إرثه على حكم الحاكم بتمويته من فقد زمن المسغبة أو الطاعون ونحوهما كما تقدم في فصل الفقد. والله تعالى أعلم. ولو ثبت موت المفقود بالبينة لورث حينئذ.

ولما تكلم المص على إرث المفقود تكلم على إرثه هو وإرث شركائه من موروثه، فقال: وإن مات موروثه قدر حيا وميتا يعني أنه إذا مات موروث المفقود في حال تعميره فإنه يقدر المفقود حيا ويقدر ميتا؛ أي تعمل فريضتان إحداهما على تقدير أنه حي والأخرى على تقدير أنه ميت، ثم تنظر بين المسألتين بالتوافق أو التداخل أو التباين أو التماثل، فتكتفي بأحد المثلين أو أكثر المتداخلين وتضرب وفق إحداهما في كامل الأخرى إن توافقا وكامل إحداهما في كامل الأخرى إن تباينا. فتدفع من ذلك للمحقق ميراثه أقل الخارجين له.

ووقف المشكوك فيه وهو حظ المفقود وما يختلف حاله من حظ غيره بحياة المفقود أو موته، فإن ثبت حياة المفقود أو موته فالأمر واضح وإن لم يثبت ذلك، فإن مضت مدة التعمير فحكم المفقود حينئذ كحكم المجهول أي كالذي جهل تأخر موته عن موروثه فلا يرث، فكأنه قال: فلا يرث لجهل تأخر موته عن موروثه، وفائدة الموقف رجاء حياته. وقوله: فإن مضت مدة التعمير فيمن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015