وقال الحطاب: وإذا قامت بينة على وارث أنه قتل موروثه عمدا فأبرأه المقتول فهو عفو جائز لا يقتل به، ولكن لا يرثه لأنه يتهم في إبرائه لأنه يوجب له ميراثا زال عمه بالقتل، ولكن لو لم يبرئه وقال نصيبه من الميراث هو له وصية فذلك جائز لأنها وصية لغير وارث. ومن كتاب ابن المواز والمجموعة، قال أشهب: إذا قامت بينة على وارث بالقتل عمدا فكذبهم بعض الورثة وصدقهم البعض، فإن ما صار للمكذبين من ميراثهم يريد من الدية فهو للقاتل، وكذا لو أقر الميت بدين لوارثه وصدقه بعض ورثته، واحترز المؤلف بقوله: "عدوانا" عما لو كان عمدا غير عدوان. قال الفاكهاني: نحو أن يقتل الحاكم ولده قصاصا ونحوه فهذا يورث عندنا بلا خلاف أعلمه، وفي مذهب الشافعي فيه ثلاثة أقوال. اهـ.
الشبراخيتي: وإنما لم يرث القاتل من مقتوله لما في ذلك من المصلحة، إذ لو ورث القاتل المقتول لأدى ذلك إلى خراب العالم، وعلل ذلك بعضهم بأنه استعجل الشيء قبل أوانه فعوقب بحرمانه، واعترض ذلك بأنه إنما يتأتى على مذهب المعتزلة من أن القاتل قطع أجل المقتول لا على مذهب أهل السنة من أن المقتول بأجله، وأجيب بأن المراد أن ذلك الاستعجال باعتبار السبب فلا ينافي كونه مات بأجله.
وإن أتى بشبهة يعني أن القاتل عدوانا لا يرث، وإن كان قد أتى في قتله بشبهة تدرأ عنه القتل، قال الحطاب: يشير إلى ما قاله في النوادر: إذا قتل الأبوان ابنهما على وجه الشبهة وسقط عنهما القتل فالدية عليهما ولا يرثان منها ولا من المال شيئا لأنه عدوان من الأجنبي. نقله في الذخيرة. الفاكهاني: إذا جرح إنسان فمات الجارح قبل المجروح، هل يرثه؟ لم أقف على نص. وفي الروضة أنه يرث. اهـ. قلت: ولا ينبغي أن يختلف في أنه يرث وهو ظاهر. والله تعالى أعلم. اهـ. وقوله: لأنه عدوان من الأجنبي ظاهر في أن العدوان يجامع الشبهة. والله تعالى أعلم. وفي بعض النسخ وإن أبا من الأبوة أي لا يرث القاتل، وإن كان أبا له شبهة تدرأ عنه القتل كرميه ابنه بحديدة على ما مر في الجنايات.
تنبيه: قال عبد الباقي: ولا يرث قاتل لموروثه ولو معتقا لعتيقه أو صبيا أو مجنونا تسببا أو مباشرة. اهـ. وقال الشبراخيتي: ولا يرث قاتل موروثه عمدا عدوانا من مال مقتوله ولا من ديته