الله الرحمن الرحيم، وفي الجامع الصغير: (بسم الله الرحمن الرحيم مفتاح كل كتاب (?))، (وكان صلى الله عليه وسلم يبدأ بها في رسائله (?))، وفي الحديث: (كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم أقطع (?))، وذو بمعنى: صاحب والبال هنا الشأن، وتنكيره للتعظيم، فقوله صلى الله عليه وسلم: ذي بال، أي شريف يحتفل به ويهتم به وخص الأمر بذي البال، تعظيما لاسم الكبير المتعال، أن لا يذكر في كل ما يعرض مما ليس له بال، وتخفيفا على العباد أن لا يطلب منهم الابتداء به في جميع الأعمال.
ولما كان للموجود أربع وجودات: وجود في العين، ووجود في الذهن، ووجود في العبارة، ووجود في الكتابة، ناسب أن يصدر كل نوع في الوجود بالحق سبحانه؛ فكأنه أشار بذكر اسمه إلى أن أول الموجودات العينية هو الحق سبحانه، وأن أول المعارف الحقيقية معرفة الحق تعالى، وأول الأذكار ذكر اسمه، وأول النقوش نقش اسمه تعالى. أشار له الشيخ عبد الباقي.
ولما كان تأليف هذا الكتاب أمرا ذا بال بدأه المص بها، والباء الداخلة على لفظ بسم الله الرحمن الرحيم لتعدية يُبْدَأ لقصد حكاية البسملة كاملة إلى الرحيم، وقوله أقطع، بدون ضمير منفصل قبله: خبر كُلُّ. ولا حاجة إلى تقدير ضمير قبله مدخول للفاء أي فهو أقطع كما فعله بعضهم، وهو من قطع العضو كفرح فهو أقطع واليد قطعاء كأحمر وحمراء إذا ذهب من قطع أو علة، ويقال للرجل: أقطع وللمرأة قطعاء، وهذا تشبيه بليغ بحذف الأداة والوجه، أي وجه التشبيه، والتقدير هو كالأقطع في النقصان، والقصد به التنفير عن ترك الابتداء بها، وفي رواية أجذم وهو مقطوع الأنف ومقطوع الكف أصلا، وفي رواية أخرى أبتر وهو فاقد الذنب بقطع أو خلقة من جنس ماله ذنب والبسملة كافية في التبرك بها في نفسها، وفي المبدو بها فلا تحتاج إلى بسملة أخرى فاندفع الإشكال بأن البسملة من ذوات البال فيلزم التسلسل، ونظير ذلك المخرج في الزكاة كاف عن نفسه وعن غيره، واستقر عمل الأئمة المصنفين على افتتاح كتب العلم بالتسمية وكذا