الرحيم وهما نعتان لاسم الجلالة أو الأول بدل أو بيان؛ لأن البيان قد يرد للمدح كالنعت، وعلى هذا يكون الرحيم نعتا للرحمن.
وأما معنى تركيبها فاعلم أن البسملة نقلت من الخبر للإنشاء؛ فهي لإنشاء التبرك لأنه يحصل عند النطق بها أي أفعل كذا، حال كوني متبركا في فعلي بالواجب الوجود الذي هو الله الرحمن الرحيم من الأسماء، وقدم اسم الجلالة لعلميته واختصاصه به تعالى، وكونه أعرف المعارف، وكونه الاسم الأعظم عند الأكثر، وقدم الرحمن على ما بعده لاختصاصه به تعالى، فكان أنسب باسم الجلالة. والله تعالى أعلم.
وخصت التسمية بهذه الأسماء الكريمة للتنبيه على أن الذي يستحق أن يستعان به في الأمور كلها ويتبرك بأسمائه هو الله، المعبود بالحق، المدلول عليه بأولها، المنعم بالمنعم الجليلة والدقيقة، المختص بذلك في الدارين على الحقيقة، المدلول عليه بثانيها وثالثها، فينتقل المعارف بكليته إليه، ولا يتكل في شيء من أمور الدنيا والآخرة إلا عليه، وفي ذكر الوصفين بعد العَلَمِ ترغيب وترهيب، وإشارة إلى جميع الأسماء الحسنى؛ لأن من له المنعم كلها عامها وخاصها لا يكون إلا في غاية الكمال. والله تعالى أعلم قاله الشيخ الهلالي.
واعلم أن الرحمة في اللغة رقة القلب وانعطافه، فتقتضي التفضل والإحسان، ومنه الرحم لانعطافها على ما فيها وحفظها له: وأسماء الله تعالى إنما تؤخذ باعتبار الغاية؛ إذ هي التي يمكن صدورها عنه سبحانه وتعالى، فيراد بالرحمن: المحسن المتفضل بالإرادة والاختيار التي هي تأثيرات دون المبادي لاستحالتها في حقه عز وجل، فلا يراد بها رقيق القلب ولا المتعطف. قاله الشيخ عبد الباقي. ومر أنها اشتملت إجمالا على ما حصل في الفاتحة من الإشارة إلى أصول العبادة وفروعها، والترغيب والترهيب وأحوال المعاد، والإشارة إلى درجات السعداء ودرك ضدهم وأما سبب الابتداء بها فالاقتداء بالقرآن العظيم، وسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم الكريم، عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، ولامتثال ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم، والتأسي بفعل السادة الأخيار والقادة الأحبار، وقد أجمع علماء كل أمة أن الله عز وجل افتتح كل كتاب ببسم