والجدة فأكثر يعني أن السدس يفرض للجدة فأكثر أي يكون لها إن انفردت تختص به فإن كانت معها جدة أخرى اشتركتا على ما يأتي بيانه، وقوله: "والجدة" المراد بها أم الأم وأمهاتها وأم الأب وأمهاتها، ولا يرث عند مالك أكثر من جدتين. قال: لا أعلم أحدًا وَرَّث أكثر من جدتين مذ كان الإسلام إلى اليوم، وكأنه لم يصح عنده توريث زيد وعلي وابن عباس وابن مسعود ومن وافقهم أم أبي الأب أو لم يبلغه.

روي مالك عن ابن شهاب عن عثمان بن إسحاق عن قبيصة بن ذؤيب، قال: جاءت الجدة من قبل الأم إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه تسأله عن ميراثها، فقال لها: مالك في كتاب الله من شيء وما علمت لك في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فارجعي حتى أسأل الناس، فقال المغيرة بن شعبة: حفرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس، فقال أبو بكر: هل معك غيرك؟ فقال: محمد بن مسلمة الأنصاري، فقال مثل قول المغيرة، فأنفذه لها أبو بكر. ثم جاءت الجدة الأخرى إلى عمر بن الخطاب تسأله عن ميراثها، فقال لها: مالك في كتاب الله من شيء، وما كان القضاء الذي قضى به أبو بكر إلا لغيرك وما أنا بزائد في الفرائض شيئا ولكن هو السدس، فإن اجتمعتما فهو بينكما وأيكما خلت به فهو لها. وروى ابن وهب أن التي أعطاها رسول الله صلى الله عليه وسلم السدس هي أم الأم وهي التي جاءت الصديق، والتي جاءت عمر هي أم الأب. انتهى. وقوله: أو لم يبلغه يكفي في الجواب عن الإمام ما يأتي قريبا أن المشهور عن زيد موافقة الإمام. قاله مقيده عفا الله تعالى عنه.

والحاصل أن الجدات على مذهب مالك على أربعة أقسام: جدة ترث وتورث وهي أم الأب فقط، وجدة لا ترث ولا تورث وهي أم أم الجد للأب وكذلك أمهات الأجداد للأم، وجدة ترث ولا تورث وهي أم الأم وأمهاتها وكذلك أمهات أم الأب، وجدة تورث ولا ترث وهي أم الجد للأب وإن علا.

وأما زيد بن ثابت فله فيهن قولان: أحدهما وهو المشهور عنه موافقة الإمام فيهن، والآخر توريث أمهات الأجداد للأب أيضا ولا يختص ذلك بأم الجد القريب فيرث على هذا القول ثلاث جدات أو أكثر إن استوين في الدرجة، كأم أم الأم وأم أم الأب وأم أبي الأب كما نص عليه التياني في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015