وإيضَاحُ قول المصنف: "أو ما يساويها" شرعا أن تقول يقطع المكلف بمسرقته ما يساوي ثلاثة دراهم أي يقوم بها، ولا بد أن تكون القيمة شرعية بأن تبلغ قيمته ثلاثة دراهم باعتبار التقويم الشرعي أي التقويم الذي يعتبره الشرع، لا آلة لهو لأنها لا تبلغ ثلاثة دراهم إلا باعتبار اللهو بها، ولهذا لو كانت خشبة اللهو تساوي ثلاثة دراهم بدون اللهو بها فإنه يقطع. واللَّه تعالى أعلم. وقوله: "شرعا" الظاهر أنه منصوب بنزع الخافض أي في الشرع أو على أنه نائب عن المصدر أي ما يساويها مساواة شرع أي مساواة يعتبرها الشرع هذا ما ظهر لي. وقال الشبراخيتي: إن قوله "شرعا" تمييز. واللَّه تعالى أعلم.
تنبيهات: الأول: قوله: "أو ما يساويها" قال في المدونة: يقومها أهل العدل والنظر، قال: إن اجتمع عدلان بصيران على أن قيمتها ثلاثة دراهم قطع ولا يقطع بتقويم رجل واحد. انتهى. معناه في الاختيار لا أنه لا يجوز إلا ذلك لأن كل ما يبتدئ فيه القاضي بالسؤال فالواحد يجزئ لأنه من باب الخبر لا من باب الشهادة، ولمالك: إن قومت بثلاثة دراهم وبدونها لم يقطع.
الثاني: قد مر سؤال المعري، الفرع بين إلزام الجاني على اليد خمس مائة دينار وقطعها في ربع دينار، بقوله:
يد بخمس مئين عسجدا لخ
ومَرَّ جواب القاضي عبد الوهاب له بقوله:
وقاية النفس أغلاها وأرخصها ... صيانة المال فافهم حكمة الباري
ويروى: عز الأمانة الخ، قال التتائي: ونحوه للشبراخيتي، أشار رحمه اللَّه إلى أن الشارع لو لم بقطعها إلا في خمس مائة دينار لأفسد السراق أموال الناس بأن يسرقوا دون ذلك دائما حتى لا يقطعوا، ولو لم يحصل في الجناية عليها إلا ربع دينار لتجرأ الجناة على قطعها لقلة الدية، فالصيانة هي العلة في الموضعين وهي الموجبة للحكمين المتضادين، ومثله يسمى جمع المفترق وهو كون الشيء يوجب أمرين متضادين. انتهى.