كانت قيمته في البلد الذي سرق فيه تبلغ ثلاثة دراهم فأكثر قطع، فإن لم تبلغها لم يقطع. وقوله: "أو ما يساويها بالبلد" سواء كانت معاملتهم بالدنانير أو بالدراهم أو بالعروض أو بها أغلب.
شرعا يعني أنه يعتبر في قطع من سرق المساوي لثلاثة دراهم أن تكون منفعته معتبرة شرعا، فمن سرق حماما عرف بالسبق أو طائرا عرف بالإجابة إذا دُعِيَ فإنه لا يراعى إلا قيمته على أنه ليس فيه ذلك لأن ذلك من اللعب والباطل، قال عبد الباقي: ويعتبر تقويم المساوي شرعا فلا قطع في سرقة آلة لهو تساويه وخشبتها بدونه لا تساويه، وما ذكره المصنف من أن التقويم بالدراهم لا بالدنانير هو المشهور كما في ابن مرزوق، ومن وافقه وهو واضح حيث كان يتعامل بالدراهم في بلد السرقة أو كانت موجودة فيه وإن لم يتعامل بها، فإن لم توجد ولم يتعامل إلا بالذهب فالتقويم حينئذ بالذهب كذا ينبغي، فإن لم يتعامل فيها إلا بالعرض كالودع ببلد السودان قوم العرض المسروق في أقرب البلاد المتعامل فيها بالدراهم. قال عبد الحق عن بعض شيوخ صقلية: ابن رشد: وهو خطأ صُرَاحٌ لاحتمال كساد السلعة ببلد السرقة حيث لا تساوي ثلاثة دراهم بها وتساوي في غيرها أكثر فَيُؤَدِّي للقطع في أقل من نصاب، قال ابن مرزوق: وسلمت له هذه التخطئة وفيها نظر: بل الصواب ما قاله هذا الشيخ؛ لأن الضرورة داعية لذلك ونظيره اعتبار قيمة جزاء الصيد في أقرب موضع لمحل التكلف إن لم تكن له قيمة في محله. انتهى باختصار. ويكفي التقويم من واحد إن كان موجها من القاضي لأنه من باب الخبر لا الشهادة، وإلا فلا بد من اثنين ويقطع بشهادتهما، وإن خولفا بأن قال غيرهما لا يساويها كما ذكره التتائي عند قول المصنف في باب الشرب مع أنه كان مقتضى درء الحد بالشبهات عدمه في البابين، لكن النص متبع لأن المثبت مقدم على النافي. قال ابن مرزوق: وإنما لم يقوم الذهب والفضة بغيرهما لأن في الحديث القطع بربع دينار فلا ينظر قيمته وإنما ينظر لوزنه. وقطع عليه الصلاة والسلام فيما قيمته ثلاثة دراهم، ففي نفس الثلاثة أحرى لأن الذهب والفضة أثمان الأشياء وقيمة المتلفات ووزنها قيمتها فلا تقوم. انتهى. ويجب القطع أيضا في المجمع منهما أو من أحدهما مع عرض، وسواء سرقه من شخص أو شخصين وكان مالهما بحرز واحد وإلا لم يقطع. انتهى.