منهم، والحد إنما هو للمعرة وظاهر كلامه كثروا أو قلوا مع أنه مقيد بالكثرة، فإن كانا اثنين وما قاربهما حُدَّ إن قاموا، وإن قام أحدهم وعفا الباقي فإن حلف ما أراد القائم لم يحد وإلا حد، كمن قال لذي زوجتين: يا زوج الزانية وقامتا أو إحداهما ولم يحلف ما أراد القائمة فإنه يحد كما في ابن الحاجب. انتهى.
قوله: مع أنه مقيد بالكثرة، قال الرهوني: فيه نظر ولا يقيد بمسألة المرأتين إذ لا معارضة بينهما؛ لأن ما في الموازية صريح في أنه إنما رمى أحدهم ولا يشمل لفظه غير الواحد، "وأل" في الزانية تحتمل الجنس لكن لم يحمل اللفظ على إرادة الجنس؛ لأن ذلك شبهة وقوله: "أو قال لجماعة أحدكم زان" في الموازية: من قال لجماعة أحدكم زان لم يحد؛ إذ لا يعرف من أراد وإن قام به جماعتهم، فقد قيل: لا يحد ولو ادعى أحدهم أنه أراده لم يقبل إلا بالبيان أنه أراده. انتهى. وقال ابن رشد: قول ابن المواز كله ظاهر إلا ما حكاه من أنه لا يحد، وإن قام به جماعتهم فهو بعيد لأنه يعلم أنه قد قاله لأحدهم فلا حجة له إذا قام به جميعهم، ووجهه على ما فيه من البعد أنه لما كان المقذوف لا يرى من هو منهم لم يحد؛ لأن الحد إنما هو لإسقاط المعرة عن المقذوف، والمعرة لا تلحق واحدًا منهم بعينه فيحد له ولا لجميعهم؛ إذ لم يقذف إلا واحدا منهم، وأما إذا قام به أحدهم فمن حجته أن يقول لم أرد إلا سواك ممن لم يقم. انتهى.
وحد في مابون إن كان لا يتأنث يعني أنه إذا قال شخص لآخر: يا مابون فإنه يحد لأنه حقيقة هو صاحب العلة في دبره ومجازا هو الذي يتأنث في كلامه كالنساء، ولذا لو كان يتأنث في كلامه فإنه لا حد على قاذفه ولكن يؤدب، وكلام المؤلف فيما إذا جرى العرف باستعمال المأبون فيمن يتأنث أو فيه وفيمن يؤتى لكن ينبغي أن يحلف حيث كان يتأنث أنه لم يرد به من يؤتى، أما لو كان العرف استعماله فيمن يؤتى فإنه يحد ولو تأنث. قاله الخرشي. وقال عبد الباقي: وحد في مأبون إن كان المقول له لا يتأنث أي يتكسر في كلامه كتكسُّر النساء، فإن كان يتأنث لم يحد القائل له وما ذكره من هذا التفصيل ضعيف، بل ذكر ابن مرزوق أنه لا وجود له والنقل حَدُّ القائلِ، وإن تأنث المقذوف وهو ظاهر خصوصا عرف مصر استعماله في حقيقته التي هي صاحب العلة، وقد يتجوز به عمن يتكسر في كلامه وعمن يؤتى. انتهى. وقال المواق: الذي نقل ابن