ومفهومه أنهن إذا لم يتزوجن لا يجب عليهن الجلد، والجواب أن ذلك إنما يتأتى على قراءة ضم الهمزة من أحصن، وأما على فتحها فمعناه أسلمن وهذا قول الأكثرين، وعلى القراءة الأولى فلا حجة في الآية لأن الآية سيقت لنفي الرجم عن الأرقاء؛ أي فإذا تزوجن فليس عليهن إلا الجلد لا الرجم، فمفهومه مفهوم موافقة أي ليس عليهن إلا الجلد ولو أُحْصِنَّ. واللَّه تعالى أعلم.
وتحصن كل دون صاحبه بالعتق والوطء بعده أي بعد العتق يعني أن أحد الزوجين الرقيقين إذا أعتقه سيده ثم أصاب صاحبه بعد ذلك فإنه يتحصن دون صاحبه الذي لم يحصل له عتق، وتقدم التنبيه على أنه يشترط في الوطء الذي يحصن أن يكون بانتشار وأن لا يكون ممنوعا وأن لا تكون فيه مناكرة، والحاصل أنه قد يتحصن الزوجان معا كما إذا أصابها بعد أن عتقا، وقد يتحصن هو دونها كما لو أصابها بعد أن عتق وقد تتحصن هي دونه كما لو أصابها بعد أن عتقت، ويتحصن هو دونها أيضا فيما إذا أسلم دونها وهي كتابية.
وَاعْلَمْ أن أربع نسوة يحصنَّ أزواجهن ولا يُحْصَنَّ: الأمة المتزوجة بحر تحصنه ولا يحصنها، والكتابية تحصن زوجها المسلم ولا يحصنها، والصبية التي لم تبلغ ومثلها يوطأ تحصن زوجها ولا يحصنهات والمجنونة تحصن زوجها المكلف ولا يحصنها. انظر التتائي. وقال عبد الباقي: وحاصل المصنف هنا وفي قوله: "يرجم المكلف" الخ أن الحر المسلم المكلف يتحصن بوطئه بانتشار وطئا مباحا في نكاح مطيقة، ولو مجنونة أو ذمية وأن المرأة إنما تحصن إن كان الزوج مسلما بالغا ولو مجنونا أو عبدا ولا يتأتى كونه كافرا لمسلمة، ولا بد أن تكون حرة مسلمة مكلفة وتوطأ وطئا مباحا. انتهى. قال عبد الباقي: ولما كانت أنواع الحد ثلاثة، رجم فقط وجلد فقط وجلد مع تغريب: وقدم الأولين، ذكر الثالث بقوله: وغرب الذكر يعني أن الذكر إذا زنى فإنه يغرب بشرط أن يكون حرا كما قال: الحر وإنما غرب لينقطع عن معاشه وتلحقه الذلة بغير بلده، واحترز بالذكر عن الأنثى فإنها لا تغرب لأنها لا معيشة لها، ويجب ضبطها وصونها عن الفساد وفي تغريبها إعانة على الفساد أو تعريض له وإن غربت مع محرم غرب من ليس بزان.
واحترز بقوله: فقط من الرقيق فإنه لا يغرب ذكرا أو أنثى لحق السيد في الخدمة، فيتأذى بالتغريب غير الجاني. انظر التتائي. وقال عبد الباقي: وغرب الحر الذكر المتوطن لا من زنى