وسأل عن الأدلة يعني أنه إذا لم يجز للمجتهد الأعمى أن يقلد فإنه يسأل مكلفا عارفا عن أدلة القبلة، كقوله: القطب في أي جهة؟ أو الكوكب الفلاني أو مطلع الشمس أو مغربها؟ وقلد غيره مكلفا عارفا يعني أن غير المجتهد وهو العاجز عن الاجتهاد بصيرا كان أوأعمى يلزمه أن يقلد في جهة القبلة مكلفا عاقلا بالغا عارفا بطريق الاجتهاد، ولا بد من كونه غير فاسق بأن يكون عدل رواية.
أو محرابا يعني أن العاجز عن الاجتهاد لا بد له من التقليد حيث أمكنه فيقلد مكلفا عارفا -كما مر-، أو محرابا؛ أيَّ محراب كان أو هما. وفي الجواهر: البصير الجاهل بالأدلة فإن كان بحيث لو اطلع على وجه الاجتهاد لاهتدى إليه لزمه السؤال، ولا يقلد وإن لم يكن بحيث يهتدي ففرضه التقليد. واعلم أن الجاهل بأدلة القبلة الذي لا بد له من التقليد يكون عاصيا بسفره الذي لا يجد فيه موثوقا بعدالته وبصيرته يقلده، ولا قرى متصلة فيها محاريب يقلدها وإلا لم يكن عاصيا. قاله الشيخ ميارة. ويقدم المجتهد في التقليد على محراب المصر الصغير بخلاف محراب الكبير، كما للأمير. فإن لم يجد يعني أنه إذا لم يجد العاجز عن الاجتهاد من يسأله ولا من يقلده ولا محرابا، فإنه يتخير جهة ويصلي لها. وقد مر أن المجتهد الذي خفيت عليه الأدلة حكمه حكم المقلد أو تحير مجتهد يعني أن المجتهد إذا تحير بأن التبست عليه الأدلة مع ظهورها كما إذا نسيها أو نسي كيفية الاستدلال بها، ولم يقدر على معرفة ذلك بسؤال أو غيره، فإنه يتخير جهة ويصلي لها. وما فسرت به المتحير من أنه هو الذي التبست عليه الأدلة مع ظهورها هو المفروض في كلام الأئمة، قاله الرماصي. وأما من خفيت عليه الأدلة لغيم أو سحاب أو نحوه، فإنه يقلد -كما مر- وبما قررت علم أن قوله: تخير جواب للشرطين؛ أعني قوله: "فإن لم يجد"، وقوله: أو "تحير" وتخير بالخاء، أي يختار جهة من الجهات ويصلي لها، وندب تأخيره لآخر الوقت رجاء زوال المانع، ولم تلزمه أعداد تحيط بحالات الشك؛ لأن الاستقبال شرط مع الأمن والقدرة. كما مر. وظاهر المصنف أنه يصلي لأي جهة شاء من غير ركون نفسه لجهة، وفي الذخيرة: يتحوى جهة تركن إليها نفسه ويصلي إليها واحدة، وقيل: يقلد،