قال في توضيحه: وهو أظهر الأقوال. ولو صلى أربعا لحسن: ما صدر به المصنف أولا، وهو قوله: "تخير"، هو: قول الكافة، وقوله: "ولو صلى أربعا" هو: قول ابن مسلمة، يعني أنه لو صلى صلوات أربعا كما يقوله ابن مسلمة لكان ذلك مذهبا حسنا، والذي استحسن قول ابن مسلمة هذا ابن عبد الحكم، وهذا إن كان تحيره في الجهات الأربع، فإن كان تحيره في ثلاث جهات صلى ثلاثا، أو في جهتين صلى صلاتين، وهذا القول الذي استحسنه ابن عبد الحكم اختاره اللخمي، وإلى اختيار اللخمي أشار المصنف بقوله: واختير والواجب التعبير بالمختار لأنه اختيار من الخلاف. كما علمت. وقول ابن مسلمة: هذا ضعيف، والأول هو المذهب؛ لأنه هو الذي عزاه سند للكافة، وقوله: "ولو صلى أربعا" الخ: لابد فيه من الجزم بالنية عند كل صلاة قال الشيخ الأمير في كتابه: فإن تحير تخير أو صلى للجهات إلا أن يجد مجتهدا فيتبعه إن ظهر صوابه أو جهل وضاق الوقت انتهى.
ولما قدم مطلوبية الاستقبال ابتداء ذكر مطلوبيته دواما، فقال: وإن تبين يعني أنه إذا تبين للمصلي في قبلة اجتهاد تحقيقا أو ظنا لا شكا، فإنه لا عبرة به. خطأ فاعل تبين، أي عدول عن القبلة بغير نسيان. بصلاه أي فيها. قطع صلاته التي تبين خطؤه فيها. غير أعمى: وجواب الشرط: قطع، وفاعل قطع: غير ومنحرف. عطف على أعمى. يسيرا أي انحرافا يسيرا. وقوله: "غير أعمى ومنحرف يسيرا"، هو: بصير انحرف انحرافا كثيرا، وأما الأعمى مطلقا وبصير انحرف انحرافا يسيرا فإنهما يستقبلانها في صلاتهما، فإن لم يستقبلاها فصحيحة في اليسير من بصير أو من أعمى، وباطلة للأعمى في الكثير.
قال مقيد هذا الشرح عفا الله عنه: والظاهر أن اليسير: ما لا يقطع بانحرافه. والله سبحانه أعلم. والكثير: ما يقطع بانحرافه. والله سبحانه أعلم. وقوله: "وإن تبين خطأ" الخ اعلم أن الصور أربع: مجتهد اجتهد أو تخير، مقلد قلد أو لم يجد، وكلام المصنف عام فيها؛ لأن نصوص الأيمة تدل على التعميم. فتوقُفُ بعض الشراح في مجتهد لم تَعْمَ عليه الأدلة، وفي مقلد قلد غيره أو محرابا قائلا: لم أر في ذلك نصا لا معنى له. كما قاله الشيخ محمد بن الحسن. والله سبحانه أعلم.