طائعا فالأمر ظاهر، وإن علم أنه كفر مكرها فالأمر ظاهر؛ أيضا فإن جهل حاله حمل على الطوع. قال عبد الباقي: والمتنصِّرُ من كأسير وداخل بلد حرب لتجارة أو غيرها يحمل على الطوع عند جهل حاله، فله حكم المرتد إن لم يثبت إكراهه، فإن ثبت إكراهه عمل به ولو بعد الحكم بالطوع. وقول المصنف: "إن لم يثبت إكراهه" مسْتَغْنًى عنه بقوله: "على الطوع" لأن الحمل على الطوع إنما يكون عند انتفاء ثبوت الطوع والإكراه، ولذا لم يذكره في باب الفقد حيث قال: "وإن تنصر أسير فعلى الطوع" ولم يزد على ذلك. وقوله: "إن لم يثبت إكراهه" أي فإن ثبت إكراهه عمل على ذلك بأن شهدت البينة أنه أكره على الكفر، أو اشتهر عن أهل جهة من الكفار أنهم يكرهون الأسير على الدخول في دينهم أو يكثرون من الإساءة إليه، فإذا تنصر خففوا عنه. انظر الشبراخيتي. وقال المواق من المدونة: والأسير يعلم تنصره فلا يدرى أطوعا أم كرها؟ فلْتَعْتَد زوجته ويوقف ماله وحكم فيه بحكم المرتد، وإن ثبت إكراهه ببينة كان بحال المسلم في نسائه وماله. انتهى. وقوله: "على الطوع" هو المشهور ومذهب المدونة، وقيل: يحمل على الإكراه لأنه الغالب في حال المسلم، وقال التتائي: قال ابن عبد السلام: وهذا يعني حمله على الطوع صحيح إلا أن يشتهر عن جهة من جهات الكفار أنهم يكرهون الأسير على الدخول في دينهم أو يكثرون من الإساءة إليه فإذا تنصر خففوا عنه، فينبغي عندي أن يتوقف عن إجراء حكم المرتد عليه في ماله وزوجته حتى يثبت ذلك. انتهى.

وإن سب نبيا يعني أن من سب نبيا من الأنبياء صلوات اللَّه عليهم أي شتمه يقتل، ولا تقبل توبته لأنه حق آدمي فقتله حَدٌّ، ولذا لا يستتاب ولا تقبل توبته بالنسبة لترك القتل، وهذا -أي كونه يقتل حدا- هو المشهور. قال المواق: قال عياض: من أضاف إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم الكذب فيما بلغه أو أخبر به أو سبه أو استخف به أو بأحد من الأنبياء أو أزرى عليهم أو آذاهم فهو كافر بإجماع. انتهى. وقوله: "نبيا" أي مجمعا على نبوءته، وقال القلشاني في شرح الرسالة عند قول الشيخ أبي محمد: ومن سب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قتل ولا تقبل توبته. انتهى: تَعْظِيمُ سَيِّدِ الأولِينَ والآخِرِينَ وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ، الشَّفِيعِ المُشَفَّعِ فِي الْعُصَاةِ وَالمُذْنِبينَ، وَرَسُولِ رَبِّ العَالَمِينَ وَخَاتِمِ النَّبيئِينَ: مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ، وَشَرَّفَ وَكَرَّمَ، وَتَوقِيرُه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015