مكة والمدينة، ولو سلم الإمام. قال الباجي: فجعل الرجوع لفضيلة المكان. قاله الإمام الحطاب. وقال: ظاهر كلام صاحب الطراز أن هذه الرواية هي المذهب، وقد مر أنه إن ظن فراغه وأتم مكانه صحت صلاته، ولو أخطأ ظنه. وهذا هو المشهور. وقيل: تبطل صلاته إذا أخطأ ظنه فإن خالف ظنه ورجع بطلت صلاته أصاب ظنه أو أخطأ، وقوله: "ولو بتشهد" هو المشهور، ورد "بلو" قول الشيخ أبي إسحاق: إن رجا أن يدرك مع إمامه ركعة، وإلا صلى في مكانه. وقال ابن شعبان: إن لم يطمع بإدراك ركعة لم يرجع. انتهى. وقد علمت أن المشهور أنه يرجع ولو للسلام فقط. وإذا ظن بقاء الإمام ورجع فوجده قد أتم، أَتَمَّ هُوَ لنفسه، وصحت صلاته.
واعلم أن هذا التقسيم الذي ذكره المصنف إنما هو في المأموم والإمام؛ لأنه إذا استخلف صار حكمه حكم المأموم، وأما الفذ فيتم مكانه وجوبا مع الإمكان أو بأقرب الأمكنة الممكنة إليه مع عدم إمكان الأول، وإلا بطلت كما مر. وقوله: "بطلتا"؛ أي الجمعة وغيرها هذا هو المشهور. وقال ابن رشد: قال بعض أصحابنا: يبني في أقرب مسجد إليه وهو ظاهر تعليل ابن القاسم، بأن الجمعة لا تصلى في البيوت. وقوله: "وفي الجمعة مطلقا وإلا بطلتا"؛ أي ولو لم يبق له من الجمعة إلا السلام، كما إذا خرج لغسل الدم قبل أن يسلم فإنه يرجع وجوبا ليوقع السلام في المسجد، وإلا بطلت قال فيها: وإذا رعف المأموم بعد فراغه من التشهد قبل سلام الإمام ذهب فغسل الدم ثم رجع فتشهد وسلم. انتهى. قال في الطراز: قوله: رجع، معناه إذا طمع بإدراك الإمام قبل أن يسلم أو يكون في جمعة. انتهى. باختصار.
وإن لم يتم ركعة في الجمعة ابتدأ ظهرا بإحرام؛ يعني أن الراعف إذا لم يتم ركعة بسجدتيها في الجمعة قبل انصرافه لغسل الدم ولا بعده، فإنه يحرم أي يجدد إحراما للظهر ولا يصليها بإحرامه الأول؛ لأنه للجمعة، ويصلي في أي مكان شاء هذا هو المشهور وكونه يصلي الظهر متفق عليه. وقال سحنون: يبني على إحرامه، ويصلي الظهر. وقال أشهب: إن شاء قطع وابتدأ كالمذهب، وإن شاء بنى على إحرامه، كقول سحنون، وإن شاء بنى على إحرامه وعلى ما تقدم له من فعلها. وظاهر كلام ابن الحاجب أن أشهب لم يستحب شيئا، والذي حكى عنه ابن يونس وابن رشد وغيرهما: استحباب القطع. قاله الإمام الحطاب. وعلى المشهور الذي مشى عليه