وفي الجمعة مطلقا، يعني أن الراعف إذا كان في الجمعة وذهب لغسل الدم، فإنه إذا غسله يرجع مطلقا، ظن بقاءه أو فراغه، أو شك، أو علم أحدهما. لأول الجامع؛ يعني أنه إذا قلنا إنه يرجع في الجمعة مطلقا فإنه يرجع لأول الجامع، ولا يجاوزه أي لا يجاوز أول جزء من أجزاء الجامع، أعني الجامع الذي ابتدأ فيه الجمعة: ولا يكفي رحابه ولا طرقه المتصلة به حيث لم يبتدئها بأحدهما، خلافا لابن شعبان. ولو حال بينه وبين الجامع حائل أضاف ركعة لركعته، وابتدأ الظهر بإحرام، وإذا ابتدأ الجمعة قبل الرعاف مع الإمام برحابه أو طرقه المتصلة به حيث يسوغ له، اكتفى بالرجوع للرحاب والطرق المتصلة به. قاله ابن عبد السلام. وبحث فيه الحطاب بأن الذي يظهر من كلامهم أنه حيث أمكنه الرجوع إلى الجامع لا بد من رجوعه إليه، وكذا صاحب الجمع فإنه قال قد يقال: كان ذلك لموجب وقد انتفى. قاله الشيخ عبد الباقي. وإلا؛ أي وإن لم يرجع في غير الجمعة حيث ظن بقاءه، أو شك، أو لم يرجع في الجمعة مطلقا، أو رجع فيها لكن جاوز أول الجامع. بطلتا؛ أي الجمعة وغيرها. وقوله: "وفي الجمعة مطلقا" محله حيث حصل معه ركعة أو ظن أنه يدرك معه ركعة، وإلا فلا. قاله الشيخ إبراهيم.
واعلم أن مستند الظن في فراغ الإمام وبقانه يرجع إلى تقدير الشخص واجتهاده، أو إلى خبر عدل كما مر، وقد مر أيضا أن قوله: "إن ظن فراغ إمامه" يشمل ما إذا ظن فراغه عند تمام غسله، وما إذا ظن أنه الآن باق ولكنه يفرغ قبل أن يصل إليه: وإذا ظن بقاء الإمام فرجع، ثم ظن في بعض الطريق فراغه فإنه يتم مكانه إن أمكن، وإلا ففي أقرب موضع يمكنه الإتمام فيه فإن جاوز ذلك بطلت صلاته -وهذا ظاهر- وقد صرح به شراح ابن الحاجب. قاله الإمام الحطاب.
قال جامعه عفا الله تعالى عنه: ظاهر كلامهم هنا أنه تبطل صلاته إن لم يتم مكانه، ولا بأقرب الأمكنة المكنة إليه، وكذا لو جاوز الموضع الطاهر الذي يتمكن فيه من الاقتداء بإمامه، أو جاوز أول الجامع فلا تغتفر له الخطوة ولا الخطوتان في جميع ذلك. هذا ظاهر كلامهم هنا. وقد مر عند قوله: "إن لم يجاوز أقرب مكان" أنه تغتفر له الخطوة والخطوتان، فاغتفروا في الذهاب ما لم يغتفروا بعده. والله سبحانه أعلم. وقوله: "إن ظن فراغ إمامه"، قد مر أنه لا فرق في ذلك بين مسجد مكة والمدينة وغيرهما على المشهور، ومقابله ما روي عن مالك أنه يرجع إلى المسجد في