وقبل أن يركع يبني على إحرامه، وهذا في غير الجمعة كما يقول، وإن لم يتم ركعة في الجمعة الخ، وقيل: يبني على إحرامه مطلقا جمعة كانت أو غيرها إماما أو مأموما أو فذا، وهو قول سحنون. وقيل: لا يبني، ويستأنف الإقامة والإحرام جملة أيضا من غير تفصيل؛ وهو قول ابن عبد الحكم. وقيل: إن كان وحده أو إماما ابتدأ، وإن كان مأموما بنى على إحرامه. قاله الإمام الحطاب. فتلك أربعة أقوال فيمن رعف بعد أن أحرم، وقبل أن يركع. واستعمل المصنف البناء في هذا الباب على معنيين: الأول في مقابلة القطع، الثاني في مقابلة القضاء. وأتى بقوله: "كملت" بعد قوله: "بركعة" لدفع توهم أن المراد بالركعة الركعة اللغوية؛ وهي الركوع. قاله الشيخ إبراهيم. وعلم مما مر أن الراعف يبني على تكبيرة الإحرام وإن لم يعتد إلا بركعة كملت فلا منافاة بين كلام المصنف وغيره، وقوله: "وإذا بنى لم يعتد إلا بركعة كملت"، هوأحد مواضع تعتبر الركعة فيها بسجدتيها، ثَانِيها من ذكر صلاة في صلاة، ثالِثُها من أقيمت عليه الصلاة وصلى ركعة، رَابعُهَا الركعة التي تقدر بها الحائض، خَامِسُهَا ركعة المزاحم، سَادِسُهَا الركعة التي يدرك بها المصلي فضل الجماعة، سَابعُهَا الركعة التي يؤخر لها من ترك إحدى الخمس. قاله الشيخ عبد الباقي. واعلم أن الراعف إذا فرغ من غسل الدم فإنه يرجع لصلاته بغير تكبير. ابن رشد: لأنه لم يخرج من صلاته، وإنما يرجع إلى صلاته بتكبير من خرج منها بسلام. انتهى. قاله الإمام الحطاب.
وأتم مكانه؛ يعني أن الراعف إذا غسل الدم فإنه يتم صلاته وجوبا مكانه ذلك إن كان فذا إن أمكن، وإلا ففي أقرب موضع يصلح للصلاة من غير مجاوزة له، وإلا بطلت. وإن كان مأموما أو إماما لصيرورته بالاستخلاف مأموما فإنه يتم مكانه أيضا، وإنما يتم المأموم مكانه أو الإمام. إن ظن فراغ إمامه من الصلاة الآن، أو قبل وصوله إليه بتقدير، واجتهد أو بإخبار عدل، ولو وصل إليه العلم وهو راجع وجب عليه الإتمام بذلك المحل. ولا فرق بين مسجد مكة والمدينة وغيرهما على المشهور، وتصح صلاته وإن تبين خطؤه في بقاء إمامه، وظاهره: ولو سلم قبل إمامه. وقوله: إن ظن، وأحرى إن علم. وأمكن؛ يعني أن الراعف إذا غسل الدم، وقلنا إنه يجب عليه أن يتم صلاته في الموضع الذي غسل فيه الدم، فإنما ذلك إن أمكن إتمام الصلاة فيه بأن طهر واتسع.