وجب القطع والقرب بالعرف، والمضر في البعد إنما هو التفاحش بأن يكون بعيدا جدا كما نص عليه أهل المذهب، فيتعين حمل كلام المؤلف عليه. قاله غير واحد. واعلم أن المراد بإمساك الأنف التحفظ من النجاسة، فإن فرض تحفظ منها بغيره لم يضره عدم إمساكه، وأشار إلى ثاني الشروط الخمسة بقوله:
ويستدبر قبلة بلا عذر؛ يعني أنه إنما يبني إذا لم يستدبر القبلة لغير عذر؛ بأن لم يستدبرها أصلا أو استدبرها لعذر، فإن ذلك لا يضر ومن العذر الماء والقرب، ويقدم استدبارا لا يلابس فيه نجسا على استقبال مع وطء نجس لا يغتفر. والظاهر تقديم القريب مع ملابسته نجسا على بعيد خلا منها. لأن عدم الأفعال الكثيرة متفق على شرطيته، كما أن الظاهر تقديم ما قلت منافاته كبعيد مع استقبال بلا نجاسة على قريب مستدبر مع نجاسة. فليتأمل. قاله الشيخ الأمير. ومفهوم قوله: "إن لم يستدبر" الخ، أنه إن استدبرها لغير عذر بطلت صلاته، ولا يبني ولثالثها بقوله: ويطأ نجسا يعني أنه إنما يبني حيث لم يطأ نجسا في مشيه ليغسل الدم، وأما إن وطئه، فإن كان عامدا مختارا بطلت صلاته رطبة أو يابسة روث دواب وبولها أو غيرهما، فإن وطئ ذلك مضطرا صحت صلاته، فهذه ثمانية. وينبغي أن يعيد في الوقت في غير روث دواب وبولها في الاضطرار، وإن وطئ ناسيا وذكر بعد الصلاة صحت، ويعيد في الوقت في غير روث دواب وبولها، وإن ذكره فيها وتعلق به شيء بطلت في غير روث دواب وبولها. وأما هما فلا إعادة عليه فيهما، وإن لم يتعلق به شيء جرى على الخلاف فيمن رأى بعد رفعه من سجوده بمحله نجاسة، فعند ابن عرفة تبطل، وعند غيره لا تبطل. قاله الشيخ عبد الباقي. وقال الشيخ محمد بن الحسن: والذي يفيده النقل كما في الحطاب والمواق أن ما كان من أرواث دواب وأبوالها فهو غير مبطل. قال الحطاب: وينبغي أن يستثنى منه إذا وطى مختارا عمدا. انتهى. ولرابعها بقوله:
ويتكلم؛ يعني أنه إنما يبني إذا لم يتكلم لغير إصلاحها، فإن تكلم لغير إصلاحها عمدا أو جهلا، بطلت صلاته، بل ولو تكلم سهوا. وإنما بطلت بالكلام سهوا، ولو قل لما انضم إليه من المنافيات. ثم إنه إنما يبطلها الكلام سهوا حيث حصل حال ذهابه، وأما بعد عوده فلا يبطل، وكذا قبل ذهابه كما يفيده المواق. قاله الشيخ عبد الباقي، والشيخ إبراهيم الشبراخيتي. وقال