التشبيه الداخلة على إن الشرطية، ويكون مشيرا به إلى الحالة الثانية؛ وهي أن يسيل الدم أو يقطر، ويتلطخ به في ثيابه أو بدنه بأكثر من القدر المعفو عنه. وقال الشيخ محمد بن الحسن عن أبي علي: يحتمل بقاؤه على ظاهره بأن يكون شرطا في قوله: "فإن زاد عن درهم قطع"؛ لأن قوله: "فإن زاد عن درهم"، محتمل لأن يكون الزائد وقع على الأرض أو على بدنه، فبين أنه إنما يقطع إن وقع على بدنه، ويكون كلامه كله في الراشح. انتهى.
أو خشي تلوث مسجد يعني أنه يقطع أيضا ولا يفتل إذا خشي تلوث مسجد مفروش بغير حصباء، ولو بدون درهم لحرمة المسجد. وأما المحصب غير المفروش، فيفتل حتى ينزل المفتول في خلال الحصباء، فقد كان سعيد بن المسيب وسالم بن عبد الله يرعفان في الصلاة ويجعلانه في خلال حصباء المسجد. وقوله: "أو خشي تلوث مسجد"، هذا إنما يرجع لمسألة الفتل، ولا يرجع للقاطر والسائل؛ لأنه إذا سال أو قطر ولم يلطخ بالفعل فهو موضوع التخيير بين القطع والبناء، وحينئذ لا يتأتى الخوف فيه على المسجد قطعا؛ لأنه يخرج منه على كل حال، إما للقطع أو لغسل الدم والبناء. وقد علمت أن موضوع المصنف أنه لم يظن دوامه لآخر الاختياري، وحينئذ فلا يقال إذا خشي تلوث المسجد يقطع، ولو خشي خروج الوقت لأنه مخالف لموضوع المصنف، وإنما محل هذه المبالغة عند قوله: إن لم يلطخ فرش مسجد. كما حققه الشيخ محمد بن الحسن. وإلا فله القطع معنى كلامه على أن قوله: "إن لطخه"، شرط في مقدر، أو على أنه تشبيه حذف منه الكاف، أن تقول: وإلا؛ أي وإذا لم يلطخه السائل أو القاطر بأزيد من درهم فله قطع صلاته، وله أن يتمادى فيها. قال الإمام الحطاب. عند قوله: "وإلا فله القطع" أشار به إلى الحالة الثالثة؛ وهي أن يسيل الدم أو يقطر بحيث لا يذهبه الفتل، ولكنه لم يتلطخ بما لا يعفى عنه. وقوله: "فله القطع"؛ أي بسلام أو كلام أو رفض؛ لأن المشهور أنه مبطل، فإن لم يأت بسلام ولا كلام ولا مناف؛ بأن ابتدأ الصلاة ولم يأت بشيء من ذلك أعاد الصلاة، وأما على ما لأبي علي، فقوله: "وإلا فله القطع"؛ أي وإلا يكن راشحا، بل سال أو قطر، فله القطع. قال أبو علي: فإن قلت: من أين يؤخذ وجوب القطع إن سال أو قطر مع التلطيخ، قلت: يؤخذ من قوله: "إن لطخه" انتهى.