فهذا لا يجوز له القطع لصلاته ولا أن يخرج منها، فإن قطع أفسد صلاته، وإن كان إماما أفسد عليه وعلى المأمومين، بل يفتله بأنامل يسراه العليا. وكيفية الفتل أن يجعل أنملة منها غير أنملة الإبهام في أنفه، ويحركها مديرا لها، ثم يفتلها؛ أي بعد انفصاله عن الأنف بالإبهام؛ أي أنملة إبهامه العليا من اليسرى، فكلما امتلأت أنملة فتلها بالإبهام، وهكذا إلى أن تختضب الخمس. وعدم إدخال أنملة الإبهام في أنفه، عليه شراح الرسالة والمحققون. وقال بعضهم: ظاهر الأم إدخالها فيه، وكذا عمم إدخال الخمس الش، والتتائي، والحطاب. وزاد أحمد عن بعض شيوخه أن الفتل بعد إخراجها من الأنف، لا أنه إدارتها مع الفتل داخله. كما فهم بعض شراح المختصر. قاله الشيخ عبد الباقي. وقوله: "وإن لم يظن"، شامل لما إذا شك في الدوام، أو رجا الانقطاع. كما صرح به ابن هارون. ونقله صاحب الجمع. قال: ومن باب أحرى إذا رجي انقطاعه بالفتل. والله سبحانه أعلم. قاله الحطاب. قال: وظاهر المصنف أن الفتل إنما يؤمر به فيما إذا كان يرشح فقط، أما إذا سال أو قطر فلا، ولو كان الدم الذي يسيل ثخينا يذهبه الفتل. وفي المدونة: وينصرف في الصلاة إذا سال أو قطر قل ذلك أو كثر، فليغسله، ثم يبني على صلاته، وإن كان غير سائل ولا قاطر فليفتله بأصابعه. وحمل ماحب الطراز كلام المدونة: ينصرف إذا سال أو قطر وإن قل، على أن معناه ليس عليه أن يستبرئ أمره، هل يذهبه الفتل أم لا؟ بل متى سال أو قطر جاز له أن ينصرف؛ لأن القدر المؤذن بذلك قد وجد؛ وهو الدم السائل، فإن لم ينصرف وتربص وانقطع بالفتل فلا تفسد صلاته. قال الإمام الحطاب: هذا هو الظاهر، فكل ما يذهبه الفتل فلا يقطع لأجله الصلاة. ولابن حبيب أن الكثير الذي يذهبه الفتل لثخانته يفتل. وبحمل الطراز للمدونة على ما تقدم توافق ما لابن حبيب ولمالك في المبسوط: إذا خرج من أنف المصلي دم يفتله، فإن كان يسيرا فلا بأس به، وإن كان كثيرا فلا أحب ذلك حتى يغسل أثر الدم. انتهى. وقوله: "فتله بأنامل يسراه"، مشى على أن الفتل بيد واحدة كما هو مذهب المدونة، وأنه باليسرى كما حكاه الباجي وغيره عن المذهب. قاله الإمام الحطاب. ولأبي الحسن الصغير أن الفتل باليدين جميعا. وقيل: إن الفتل باليد اليمنى أي بأناملها العليا. وكيفية الفتل على كل قول هي الصفة المتقدمة. كما قاله الشيخ إبراهيم.