يجب عليه أن يتمادى بالركوع والسجود، ولو لطخه بالفعل بأكثر من درهم فضلا عن خوف التلطخ، وقد علمت أن العلة في الإيماء هنا صون المال، وقوله: "أو تلطخ ثوبه"، فيه طريقان: الجواز لابن رشد إجماعا، والثانية لغيره حكوا في جواز الإيماء قولين: الجواز لابن حبيب، وعدمه لابن مسلمة. ولما قوي القول بجواز الإيماء بحكاية ابن رشد الإجماع عليه، اقتصر المصنف عليه. قاله الإمام الحطاب.
لا جسده يعني أن الراعف لا يومئ للركوع والسجود لأجل خوف تلطخ جسده، أي لا يجوز له الإيماء لذلك اتفاقا. قال الإمام الحطاب: إذ الجسد لا يفسده الغسل، وقوله: "وأومأ لخوف تأذيه أو تلطخ ثوبه"، ليس خاصا بمن حدث له الرعاف في الصلاة، فإن من رعف قبل الصلاة إذا دام عليه الدم: وظن دوامه لآخر الاختياري، يصلي على حالته، ويومئ لخوف تأذيه وتلطخ ثوبه. قال ابن عرفة: ودائم الرعاف يصلي على حالته، ويومن لضرر سجوده. ابن رشد: أو لخوف تلطخه إجماعا، ولا يعيد إن كف في الوقت. ثم قال وغير الدائم يؤخر لكفه ما لم يخرج المختار، ونقل ابن رشد الضروري، انتهى. وقوله: "لا جسده". قيده عبد الباقي بما إذا لم يغلب ظن تلطخه بما زاد عن درهم، قال: وإلا أومأ، قال بناني: وهو غير صحيح، بل قال أبو علي: إنه خطأ صراح، وكذا قيد عدم الإيماء لتلطخ ثوبه الذي لا يفسده الغسل بما إذا لم يخف تلطخه بأكثر من درهم: وهو غير صحيح، بل لا يومئ وإن لطخه بأكثر من درهم كما مر. وكذا قيد الإيماء لتلطخ الثوب الذي يفسده الغسل بما إذا لم يخرج منه بالإيماء ما يوجب القطع. قال: وإلا ركع وسجد، وليس بصحيح لاقتضائه أن علة الإيماء خوف نزول قدر من الدم يوجب القطع، وذلك غير صحيح. بل العلة خوف الضرر أو فساد الثوب، ولو كان ذلك لركع وسجد وإن نزل منه عليه أكثر من درهم. قاله الشيخ محمد بن الحسن بناني. وقوله: "لا جسده"، قال الشيخ إبراهيم الشبراخيتي: فلا يجوز له الإيماء إذا كان لا يضر به غسله، وإلا أومأ. انتهى.
وإن لم يظن ورشح فتله بأنامل يسراه هذا مفهوم قوله: وظن دوامه له، يعني أنه إذا رعف في الصلاة، ولم يظن استمراره لآخر الاختياري فله ثلاث حالات: البناء، والقطع، والتخيير. الحالة الأولى، وهي البناء: أن يكون الدم يسيرا يذهبه الفتل، بأن يكون الدم يرشح ولا يسيل ولا يقطر،