فكيف عمت بركته للأمة؛ لأنه ورد في الحديث أن (من حكاه فله مثل أجره (?))، فلو كان المؤذن واحدا فأتت هذه الفضيلة كثيرا من الأمة، ولو كانت جماعة يؤذنون في فور واحد لفاتتهم حكايته. قاله الحطاب. وفي المدخل: ما يقع من المؤذنين الآن لا يكون على سبيل السنية، ولا يحكي أذانهم من سمعهم، ثمَّ قال: وأذانهم جماعة على صوت واحد من البدع المكروهة، والاتباع في الأذان وفي غيره متعين، وفي الأذان أكثر لأنه كان أكبر أعلام الدين، وفي الأذان جماعة مفاسد مخالفة السنة، ومن كان منهم صيتا حسن الصوت وهو المطلوب في الأذان خفي أمره، فلا يسمع ولا يفهم السامع ما يقول والغالب على بعضهم أنَّه لا يأتي بالأذان كله؛ لأنه لا بد أن يتنفس، فيجد غيره قد سبقه، فيحتاج إلى أن يبني على صوت من تقدمه، فيترك ما فاته.

وأول من أحدث الأذان جماعة: هشام بن عبد الملك. وقوله: قدم من سبق، هذا عند تساويهم في الفضل، وإلا قدم الأفضل، وقال ابن ناجي: فإن تشاح المؤذنون، قدم الأولى، فإن تساووا فالقرعة وفي النوادر: قال أشهب: وأحب إلى في المغرب أن يصل الإقامة بالأذان؛ لأنَّ وقتها واحد. ولا يفعل ذلك في غيرها، فإن فعل أجزأهم. وليوخر الإقامة في غيرها لانتظار الناس وفي مختصر الواضحة: ولا بأس أن يلبث المؤذن بعد أذانه للمغرب شيئًا يسيرا، وأن يتمهل في نزوله ومشيه إلى الإقامة توسعة على الناس.

وإقامة غير من يؤذن يعني أنَّه يجوز أن يقيم من لم يؤذن؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم -: (أمر بلالًا أن يؤذن وأن يقيم عبد الله بن زيد (?))، والأفضل أن يكون المؤذن هو المقيم لخبر: (من أذن فليقم))، وقوله: "وإقامة غير من أذن"، خلافا للشافعي، حيث كره ذلك لخبر زياد بن الحارث الصدائي: (أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أؤذن في صلاة الصبح، فأذنت فأراد بلال أن يقيم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن أخا صداء قد أذن ومن أذن فهو يقيم (?)). وصداء بضم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015