قائم. يعني أنَّه يستحب للمؤذن أن يكون قائما في حال أذانه؛ وهو الذي عليه السلف لأنه أقرب إلى التواضع، ولأنه هو وما قبله أبلغ في الإسماع، وأما لوأذن جالسا لغير عذر، فهل يكره؟ وهو المفهوم من كلام أهل المذهب، أو يحرم؟ وهو ما عليه القاضي عياض في الإكمال وابن ناجي لكنه مخالف لكلام المصنف؛ إذ القيام مندوب. قاله الشيخ إبراهيم.
وأجاز في المدونة أذان الراكب؛ لأنه في معنى القائم، بل أبلغ في الإسماع، وقال إمامنا مالك: لم يبلغني أن أحدا أذن قاعدا، وأنكر ذلك إنكارا شديدا. وقال النوويّ الشافعي: مذهبنا المشهور أن القيام سنة، فلو أذن قاعدا لغير عذر صح أذانه لكن فاتته الفضيلة، وكذا لوأذن مضطجعا مع قدرته على القيام صح أذانه على الأصح؛ لأنَّ المراد الإعلام وقد حصل. انتهى.
وفي التوضيح: وكره أذان القاعد لكونه مخالفا لما عليه السلف، وفي مختصر الواضحة: وكان مالك ينكر أن يؤذن المؤذن قاعدا، ويقول: لم يبلغني عن أحد ممن يقتدى به فعله، فإن عرضت له علة تمنعه من القيام فليدع الأذان، ومن جهل فأذن قاعدا مضى ولم يعد الأذان وتقدم عن المدونة أن أذان الراكب جائز، وأما قول ابن عبد السلام: لا فرق في التحقيق بين الراكب والقاعد فإنَّه معترض، والتحقيق الفرق بينهما؛ لأنَّ الراكب أندى صوتا من القاعد؛ ولا فرق في جواز أذان الراكب بين أن يكون الراكب مسافرا وبين أن يكون حاضرا. انظر الحطاب.
إلا لعذره يعني أن المؤذن لا يطلب بالقيام إذا كان ذا عذر كمرض ونحوه، وحينئذ فيؤذن لنفسه لا لغيره يدلّ عليه ما في المدونة، وصرح به اللخمي فقال: قال مالك: ويندب أن يكون قائما إلا لعذر من مرض أو غيره، فيؤذن لنفسه لا للناس. انتهى. وفي شرح الشيخ ميارة: وكره مالك أذان القاعد لمخالفته أذان السلف إلا مريضا لنفسه. انتهى.
مستقبل يعني أنَّه يستحب للمؤذن أن يكون مستقبلا للقبلة في حال أذانه، فلا يلتفت ولا يصرف وجهه عنها، قال التونسي: وجائز أن يبتدئ الأذان لغير القبلة. قاله الخرشي. والشبراخيتي. إلا لإسماع. يعني أنَّه يجوز للمؤذن أن يلتفت لغير جهة القبلة إذا كان ذلك لإسماع الأذان، فيدور أي جوازا كما في أول التقرير. وظاهر كلام ابن بشير الاستحباب لقوله: إن قصد به المبالغة في الإسماع؛ فهو مشروع، وقد يقال: المشروعية تستعمل فيما هو أعم كالبيع