حجر ولا غيره، وأخرجه ابن سعد في الطبقات عن أم زيد بنت ثابت قالت: (كان بيتي أطول بيت حول المسجد فكان بلال يؤذن فوقه من أول ما أذن إلى أن بني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسجده فكان يؤذن بعد على ظهر المسجد وقد رفع له شيء فوق ظهره (?)). انتهى. قاله الحطاب.
الثاني: قال في المدخل: ومن السنة الماضية أن يؤذن المؤذن على النار، فإن تعذر ذلك فعلى سطح المسجد، فإن تعذر فعلى بابه، وكان النار عند السلف بناء يبنونه على سطح المسجد كهيئته اليوم، لكن هؤلاء أحدثوا فيه أنهم عملوه مربعا على أركان أربعة، وكان في عهد السلف مدورا، وكان قريبا من البيوت خلافا لما أحدثوه اليوم من تعلية المنار، وذلك يمنع لوجوه: أحدها مخالفة السلف، الثاني أن يكشف حريم المسلمين، الثالث أن صوته يبعد عن أهل الأرض ونداؤه إنما هو لهم. انتهى. ويمنع المؤذن من صعود المنار الذي إذا صعد فيه عاين ما في الدور التي يجاورها المسجد وكذا لو بعدت منه البيوت إلا أن يكون البعد الكثير الذي لا يتبين معه الأشخاص والهيئات، ولا الذكران من الإناث فلا يعتبر الاطلاع معه، وسواء في ذلك كانت الدور متقدمة على المنار أو متأخرة عنه.
الثالث: قال في المدخل: وينهى الإمام المؤذنين عما أحدثوه من أذان الشباب على المنار؛ لأنه لم يكن من فعل من مضى. وقد تقدم في أوصاف المؤذن أن يكون من أتقاهم، ولا يعرف ذلك في الشباب، وينبغي للمؤذن الذي يصعد على المنار أن يكون متزوجا؛ لأنه أغض لطرفه والغالب في الشباب عدم ذلك، والمنار لا يصعده إلا مأمون الغائلة، وأما على باب المسجد فيجوز ذلك، وكذا سطحه إذا كان لا يكشف أحدا. والله الموفق. قاله الحطاب.
واعلم أن المنار في اللغة علم الطريق، وفي الصحاح: والمنارة التي يؤذن عليها، والمنارة أيضًا يوضع فوقها السراج؛ وهي مفعلة بفتح الميم، والجمع المنار، ويقال لها أيضًا المئذنة بكسر الميم ثمَّ همزة ساكنة، ويجوز إبدال الهمزة ياء. وذكر بعضهم أنَّه يقال: مأذنة بفتح الميم. نقله الإمام الحطاب.