أجاز ما تقدم يجيز هذا، ومن كرهه يكرهه. وقد قال في المدخل: إن الإمام ينهى المؤذنين عما أحدثوا من قراءة: {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى}، وقوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ} عند إرادتهم الأذان للفجر، وإن كانت قراءة القرآن كلها بركة وخير، لكن ليس لنا أن نضع العبادات إلا حيث وضعها صاحب الشرع صلوات الله وسلامه عليه. انتهى. وفيه أن من المنكرات أذانهم على حزورة يوم الجمعة عند دخول الإمام إلى المسجد الحرام، فإنَّه بدعة لا أصل لها لا الأذان الثاني بها لسائر الصلوات. وحزورة بالحاء المهملة والزاي على وزن قسورة - هذا هو الصواب -: كان سوق مكة في الجاهلية، وقد أدخل في المسجد الحرام.
وفي المدخل: ومما أحدثوه من البدع ما يفعله بعضهم من أنهم يتركون تنظيف البيت وكنسه عقب سفر من سافر من أهله ويتشاءمون بفعل ذلك بعد خروجه، ويقولون: إن ذلك إن فعل لا يرجع المسافر، وكذلك ما يفعلونه حين خروجهم معه إلى توديعه فيؤذنون مرتين أو ثلاثًا ويزعمون أن ذلك يرده إليهم، وهذا كله مخالف للسنة المطهرة، ومن العوائد التي أحدثت بعدها. والمكروهات لا تندفع إلا بالامتثال. انتهى.
وقال الناشري من الشافعية: يستحب الأذان لمزدحم الجن، وفي أذن الحزين، والصبي عند ما يولد في اليمنى ويقيم في اليسرى، والأذان خلف المسافر والإقامة. انتهى. نقله الإمام الحطاب. قال: وانظر قوله: لمزدحم الجن، ولعله يشير إلى حديث: (إذا تغولت الغيلان فبادروا بالأذان (?))، وقوله: في أذن الحزين، يشير إلى ما خرجه الديلمي عن علي كرم الله وجهه، قال: (رآني النبي - صلى الله عليه وسلم - حزينا فقال: يا ابن أبي طالب أراك حزينا فمُرْ بعضَ أهلك يؤذن في أذنك فإنَّه دواء للهم، قال: فجربته فوجدته كذلك (?)). وقال كل من رواته إلى الديلمي إنه جربه فوجده كذلك، وروى الديلمي أيضًا عنه أنَّه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من ساء خلقه من إنسان أو دابة فأذنوا في أذنه (?)). انتهى. وذكر الشيخ أبو الليث السمرقندي صاحب تنبيه