وثوب الداعي؛ أي كرر النداء، ومنه قيل للإقامة تثويب؛ لأنها بعد الأذان. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا ثوب للصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون (?)). وقد يقع التثويب على قول المؤذن في الصبح: الصلاة خير من النوم، وقد روي عن بلال قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تثوبن في شيء من الصلاة إلا صلاة الفجر (?))، وليس هذا التثويب الذي كرهه أهل العلم؛ لأنه من سنة الأذان. وبالله التوفيق. انتهى. وإنما قيل لقول المؤذن: الصلاة خير من النوم تثويب؛ لأنه تكرير لمعنى الحيعلتين. وذكر البرزلي مسألة التثويب والتحضير؛ أعني قولهم: الصلاة حضرت، وكذلك التأهب للجمعة؛ أعني قولهم: تأهبوا للصلاة. وأنكر على من قال إن ذلك حرام وقال: هذا لم يقل بالتحريم فيه أحد من علماء الأمة، بل الناس فيه على مذهبين: فمنهم من كرهه، ومنهم من استحسنه، وفي كلامه ميل إلى استحسان ذلك. وكذلك التصبيح؛ يعني قولهم: أصبح ولله الحمد. وذكر كلام ابن سهل في قيام المؤذن بالدعاء والذكر في آخر الليل، وأنه حسن. وذكر أيضًا ما يفعل عندهم من البوق والنقير في المنار في التسحير في رمضان، ومال إلى جواز ذلك. وذكر أن بعض أهل القيروان أنكر ذلك، وقال: إنه معصية في أفضل الشهور وأفضل الأماكن، وأن قاضي القيروان كتب بذلك إلى ابن عبد السلام، فأجابه إن عاد لمثل هذا فأدبه. نقله الحطاب. تم قال بعد هذا: وحاصل كلامه أن جميع ذلك أمور محدثة، منها ما هو حسن كالذكر والدعاء في آخر الليل في المنار والتثويب والتأهب والتصبيح، ومنها ما هو جائز كالأبواق والنقير، وأنه ليس شيء منها حراما، وأن غاية ما يقول المخالف فيها بالكراهة، وقد تقدم في كلام الشيخ أبي عبد الله بن الحاج إنكار ذلك وإنكار الأبواق، والظاهر من مذهب مالك كراهة ذلك كله. انتهى. كلام الحطاب. قال: ومن هذا الباب ما يفعلونه بمكة قبل الأذان الثاني للصبح على سطح زمزم من قول المؤذن، الصلاة رحمكم الله، ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - إعلاما بطلوع الفجر، ثمَّ يقول المؤذن قبل الأذان الثاني على حَزْوَرةَ: {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى} الآيات الثلاث، ثمَّ يقول: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ} إلى آخر السورة، فمن