كربه وإن تزود لسفر ولم يظعن يعني أن العامل إذا تزود من مال القراض لأجل السفر للعمل في مال القراض فإن رب المال له أن يفسخ عن نفسه عقد القراض حيث لَمْ يظعن العامل أي لَمْ يسر أي لَمْ يشرع في السفر، وليس للعامل أن يحل عقد القراض عن نفسه حينئذ إلَّا أن يدفع ثمن التزود لرب المال وإن تزود العامل من مال نفسه فليس لرب المال الانحلال إلَّا بعد دفع ثمن التزود للعامل.
والحاصل أن العامل إن تزود للسفر ولم يظعن فإنه ينظر إن كان التزود من مال القراض لزم العامل إلَّا بدفع ثمن التزود لرب المال، ولرب المال الفسخ لأنه لا ضرر على العامل في الفسخ بل الضرر إنما هو على رب المال لما صرف من متاعه، وإن كان التزود من مال العامل لَمْ يلزمه العقد ولزم رب المال إلَّا أن يدفع ثمن التزود للعامل. والله تعالى أعلم. وقوله: "وإن تزود" الواو للحال. قاله غير واحد. وقال المواق من المدونة: قال مالك: لرب المال رد المال ما لَمْ يعمل به العامل أو يظعن به لسفر وإن ابتاع به سلعا وتجهز يريد بعض البلدان فنهاه ربه أن يسافر به فليس له أن يمنعه بعد شرائه لأنه يبطل عليه عمله، كما لو اشترى سلعا فأراد رب المال أن يبيع ذلك مكانه فليس له ذلك ولكن ينظر السلطان فيؤخر منها ما يرجى له سوق ليلا يذهب عمل العامل باطلا. محمد: لو اشترى مثل الزاد والسفرة فإن رضي رب المال بأخذ ذلك بما اشتراه فذلك له، وإلا بأن عمل العامل فيه في الحضر أو ظعن فإنه يجب الصبر لأي إلى نضوضه أي نضوض المال، ومعنى نضوضه صيرورته عينا، وهذا مفهوم قوله: "قبل عمله" وقوله: لَمْ يظعن أي فإن عمل أو ظعن لزمهما العقد إلى أن ينض المال، وهذا إن لَمْ يتراضيا على الفسخ قبل نضوض المال، فإن تراضيا عليه فلهما ذلك. قال عبد الباقي: وإلا بأن عمل العامل فيه في الحضر أو ظعن فلنضوضه يجب الصبر إليه، فاللام بمعنى إلى لا تعليلية، وهذا إن لَمْ يتراضيا على الفسخ قبله وبنضوضه تم العمل إن نض ببلد القراض لا بغيره فله تحريكه ثانيا كبلد القراض إن جرى عرف بتحريكه مرّة أخرى فيما يظهر؛ لأنه أصل من أصول الشرع فيتبع إلَّا أن يتفقا على خلاف. انتهى. قوله: "لأنه" الضمير فيه للعرف. قاله مقيده عفا الله تعالى عنه. والله تعالى أعلم.