قال الفقهاء السبعة مع مشيخة سواهم من نظرائهم (?) أهل فقه وفضل: يجوز لرب المال أن يشترط على العامل أن لا ينزل بطن واد ولا يسري به بليل ولا يحمله ببحر ولا يبتاع به سلعة كذا، فإن فعل به شيئا من ذلك ضمن المال. انتهى. وقال الخرشي: أي وضمن العامل إن خالف واحدًا مما ذكر أي وحصل التلف، وأما لو خاطر وسلم ثم تلف بعد ذلك فلا ضمان. انتهى. وقضية كلام المدونة أنه اشترط عليه الأمور الأربعة في آن واحد، ولكن لا فرق بين اشتراط كلها أو بعضها كما يفهم من كلام غير واحد.
تنبيهات: الأول: قال عبد الباقي عند قوله: "أو يبتاع سلعة" ما نصه: عينها له لقلة ربح فيها أو لوضيعة فيها. انتهى. ونحوه للخرشي إلا أنه أصرح منه في تقييدها بذلك، قال الرهوني: هذا التقييد فيه نظر لمخالفته لإطلاق الأئمة.
الثاني: قوله: سلعة قال الرهوني: السلعة بالكسر المتاع وما تجر به. انتهى.
الثالث: قال عبد الباقي: وضمن في المسائل الأربع إن تعدى وخالف وحصل نهبٌ أو غرق أو سماوي في الثلاثة الأول زمن المخالفة فقط ولا يضمن السماوي بعدها ولا الخسر مطلقا، بخلاف الرابعة فيضمن فيها السماوي والخسر، والمراد ضمن إذا حصل تلف بشرطه المار، وأما لو خاطر وسلم ثم تلف المال بعد ذلك فلا ضمان عليه. انتهى. وقوله: ولا يضمن بالسماوي بعدها، يريد ويقبل قوله إن التلف وقع بعد الرد. كذا في الحطاب عن ظاهر المدونة وأبي الحسن. ولم يحك فيه خلافا، ونقل ابن ناجي عن أبي الحسن ما نصه: هو مصدق في الرد عند ابن القاسم، وعند عبد الملك ضامن. انتهى. قلت: وكلام المدونة يوافق ما عزاه لابن القاسم لأنه زاد فيها بعد نصها الذي في الحطاب ما نصه: كمن أخذ وديعة أو بعضها ثم رد ذلك مكانه فضاعت لم يضمن. انتهى منها بلفظها. فتشبيه ذلك بمسألة الوديعة يفيد أن القول قوله في ردها لأنه الراجح في الوديعة حسبما تقدم.
كأن زرع تشبيه في الضمان يعني أن العامل إذا زرع بموضع جور له أي للعامل من غير إذن رب المال فهو ضامن، واحترز بقوله: له أي للعامل عما إذا كان الموضع فيه ظلم وجور، ولكن كان